إذ قد كانت وقعة أحُد لم تنكشف عن نصر المسلمين ،عَقَّب الله ذكرها بأن ذكَّرهم الله تعالى نَصره إيّاهم النصر الَّذي قدّره لهم يوم بدر ،وهو نصر عظيم إذ كان نصرَ فئة قليلةٍ على جيش كثير ،ذي عُدد وافرة ،وكان قتلى المشركين يومئذ سادةَ قريش ،وأيمّة الشرك ،وحسبك بأبي جهل بن هشام ،ولذلك قال تعالى:{ وأنتم أذلة} أي ضعفاء .والذلّ ضد العزّ فهو الوهن والضعف .وهذا تعريض بأنّ انهزام يوم أحُد لا يفلّ حدّة المسلمين لأنّهم صاروا أعزّة .والحرب سجال .
وقوله:{ فاتقوا الله لعلكم تشكرون} اعتراض بين جملة{ ولقد نصركم الله ببدر} ومتعلّق فعلها أعني{ إذ تقول للمؤمنين} .والفاء للتفريع والفاء تقع في الجملة المعترضة على الأصحّ ،خلافاً لمن منع ذلك من النحويين ..فإنَّه لمّا ذكّرهم بتلك المنّة العظيمة ذكّرهم بأنَّها سبب للشكر فأمرهم بالشكر بملازمة التَّقوى تأدّباً بنسبة قوله تعالى:{ لئن شكرتم لأزيدنكم}[ إبراهيم: 70] .
ومن الشكر على ذلك النَّصر أن يثبتوا في قتال العدو ،وامتثالُ أمر النَّبيء صلى الله عليه وسلم وأن لا تَفُلّ حدّتَهم هزيمة يوم أحُد .