القول في تأويل قوله تعالى:وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:وأي الناس أشد تعذيبًا ممن اختلق على الله كذبًا فكذب عليه؟ (39)، (أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ) يعرضون يوم القيامة على ربهم "، (40) فيسألهم عما كانوا في دار الدنيا يعملون، كما:
18080- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا) ، قال:الكافر والمنافق ، (أولئك يعرضون على ربهم) ، فيسألهم عن أعمالهم.
* * *
وقوله:(ويقول الأشهاد) ، يعني الملائكة والأنبياء الذين شهدوهم وحفظوا عليهم ما كانوا يعملون،وهم جمع "شاهد "مثل "الأصحاب "الذي هو جمع "صاحب "، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقول:شهد هؤلاء الأشهاد في الآخرة على هؤلاء المفترين على الله في الدنيا، فيقولون:هؤلاء الذين كذبوا في الدنيا على ربهم، يقول الله:(ألا لعنة الله على الظالمين) ، يقول:ألا غضب الله على المعتدين الذين كفروا بربّهم.
* * *
وبنحو ما قلنا في قوله (ويقول الأشهاد) ، قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18081- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(ويقول الأشهاد) ، قال:الملائكة.
18082- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:الملائكة.
18083- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة:(ويقول الأشهاد) ، والأشهاد:الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم.
18084- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:(الأشهاد) ، قال:الخلائق،أو قال:الملائكة.
18085- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال:أخبرنا معمر، عن قتادة، بنحوه.
18086- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:(ويقول الأشهاد) ، الذين كان يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا، (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، حفظوه وشهدوا به عليهم يوم القيامة،قال ابن جريج:قال مجاهد:"الأشهاد "، الملائكة.
18087- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، قال:سألت الأعمش عن قوله:(ويقول الأشهاد)، قال:الملائكة.
18088- حدثت عن الحسين بن الفرج قال:سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:(ويقول الأشهاد) ، يعني الأنبياء والرسل، وهو قوله:وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ، [سورة النحل:89] . قال:وقوله:(ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) ، يقولون:يا ربنا أتيناهم بالحق فكذبوا، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك يا ربنا.
18089- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد وهشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز المازني قال، بينا نحن بالبيت مع عبد الله بن عمر ، وهو يطوف، إذ عرض له رجل فقال:يا ابن عمر ، ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ (41) فقال:سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول:يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كَنَفه فيقرّره بذنوبه، فيقول:هل تعرف كذا؟ فيقول:رب أعرف ! (42) مرتين ، حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال:فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . قال:فيعطى صحيفة حسناته،أو:كتابه،بيمينه. وأما الكفار والمنافقون، فينادى بهم على رءوس الأشهاد:"ألا هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ". (43)
18090- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا هشام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (44)
18091- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة:كنا نحدَّث أنه لا يخزَى يومئذ أحدٌ ، فيخفى خزيُه على أحد ممن خلق لله،أو:الخلائق.
-----------------------
الهوامش:
(39) انظر تفسير "افترى "فيما سلف من فهارس اللغة ( فرى ) .
(40) في المطبوعة والمخطوطة:"يكذبون على ربهم "، والأجود أن تبقى على سياقة الآية .
(41) مضى في رقم:6497:"أما سمعت ".
(42) مضى في رقم:6497:"رب اغفر "، مكان "رب أعرف ".
(43) الأثر:18089 - مضى هذا الخبر بإسناده ، وتخريجه في رقم:6497 ( ج 6:119 ، 120 ) .
(44) الأثر:18090 - مضى هذا الإسناد برقم:6497 ، أيضًا .