القول في تأويل قوله تعالى:فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:ولما جاء أمرنا بالعذاب وقضاؤنا فيهم بالهلاك، جَعَلْنَا عَالِيَهَا
يعني عالي قريتهم،سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ، يقول:وأرسلنا عليها،حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى سِجِّيلٍ .
فقال بعضهم:هو بالفارسية:سنك ، وكل. (1)
*ذكر من قال ذلك.
18424- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:مِنْ سِجِّيلٍ ، بالفارسية، أوَّلها حَجَر، وآخرها طين.
18425- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
18426- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.
18427- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
18428- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير:حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال:فارسية أعربت سنك وكل. (2)
18429- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة:"السجيل "، الطين.
18430- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة:مِنْ سِجِّيلٍ قالا من طين.
18431- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد، عن وهب قال:سجيل بالفارسية:سنك وكل
18432- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط،عن السدي:حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، أما السجيل فقال ابن عباس:هو بالفارسية:سنك وجل،"سنك "، هو الحجر، و "جل "، هو الطين. يقول:أرسلنا عليهم حجارة من طين.
18433- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا مهران، عن سفيان، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس:حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال:طين في حجارة.
* * *
وقال ابن زيد في ذلك ما:-
18434- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال:السماء الدنيا. قال:والسماء الدنيا اسمها سجيل، وهي التي أنـزل الله على قوم لوط.
* * *
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين يقول:"السجيل "، هو من الحجارة الصلب الشديد ، ومن الضرب، ويستشهد على ذلك بقول الشاعر:(3)
*ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيلا* (4)
وقال:بعضُهُم يُحوِّل اللام نونًا. (5)
* * *
وقال آخر منهم:هو "فِعّيل "، من قول القائل:"أسجلته "، أرسلته،فكأنه من ذلك ، أي مرسلةٌ عليهم.
* * *
وقال آخر منهم:بل هو من "سجلت له سجلا "من العطاء، فكأنه قيل:مُتِحوا ذلك البلاء فأعطوه، وقالوا أسجله:أهمله.
* * *
وقال بعضهم:هو من "السِّجِلّ"، لأنه كان فيها عَلَمٌ كالكتاب.
* * *
وقال آخر منهم:بل هو طين يطبخ كما يطبخ الآجرّ، وينشد بيت الفضل بن عباس:
مَــنْ يُسَــاجِلْنِي يُسَــاجِلْ مَـاجِدًا
يَمْــلأُ الدَّلْــوَ إلَـى عَقْـدِ الكـرَب (6)
فهذا من "سجلت له سَجْلا "، أعطيته.
-----------------------
الهوامش:
(1) انظر ما سلف 1:14 ، تعليق:2 ، ثم ص:20 .
(2) الأثر:18428 - انظر الأثر السالف قديمًا ، رقم:5 .
(3) هو تميم بن أبي مقبل .
(4) مجاز القرآن 1:296 ، ومنتهى الطلب:44 ، والمعاني الكبير:991 ، واللسان ( سجن ) ، وغيرها ، يقول قبله:
وإنَّ فِينَــا صَبُوحًـا إنْ أَرِبْـتَ بِـهِ
جَمْعًــا بَهيًّــا وَآلافًــا ثَمَانِينَــا
وَرَجْلـةً يَضْرِبُـونَ البَيْضَ عَنْ عُرُض
ضَرْبًـا تَـواصَى بِــهِ الأبْطَالُ سِجِّينَا
.
(5) يعني بقوله:"بعضهم "، أي بعض العرب يحول اللام نونًا ، كقول النابغة:
بِكُــلِّ مُدَجّــجٍ كــالَّليْثِ يَسْــمُو
عَــلَى أَوْصَــالِ ذَيَّــالٍ رِفَــنِّ
يريد:رفل،هذا تمام كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ، نقلته للتوضيح . ونسب قريش:90 .
(6) معجم الشعراء:309 واللسان ( سجل ) ، وغيرهما ، وقبله:
وَأَنَــا الأخْــضَرُ مَــنْ يَعْـرِفُنِي
أخْـضَرُ الجِـلْدَةِ فِـي بَيْـتِ العَـرَبْ
مَـــنْ يُسَــاجِلْنِي . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إِنَّمـــا عَبْــدُ مَنَــافٍ جَــوْهَرٌ
زَيَّــنَ الجَــوْهَرَ عَبْــدُ المُطَّلِـبْ
وهو:الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب ، وأمه آمنة بنت العباس بن عبد المطلب . وكان الفضل آدم شديد الأدمة ، ولذلك قال:"وأنا الأخضر "، و"الخضرة "في ألوان الناس ، شدة السمرة ، والعرب تصف ألوانها بالسواد ، وتصف العجم بالحمرة . و"الكرب "الحبل الذي يشد على الدلو .