القول في تأويل قوله تعالى:قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)
يقول تعالى ذكره:أنـزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه لينذركم أيها الناس بأسا من الله شديدا ، وعنى بالبأس العذاب العاجل، والنكال الحاضر والسطوة ، وقوله:(مِنْ لَدُنْهُ) يعني:من عند الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال:ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق (لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا) عاجل عقوبة في الدنيا، وعذابا في الآخرة.(مِنْ لَدُنْهُ):أي من عند ربك الذي بعثك رسولا.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، بنحوه.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(مِنْ لَدُنْهُ):أي من عنده.
فإن قال قائل:فأين مفعول قوله (لِيُنْذِرَ) فإن مفعوله محذوف اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه من ذكره، وهو مضمر متصل بينذر قبل البأس، كأنه قيل:لينذركم بأسا، كما قيل:يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ[آل عمران:175] إنما هو:يخوّفكم أولياءه.
وقوله:(وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) يقول:ويبشر المصدقين الله ورسوله (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ) وهو العمل بما أمر الله بالعمل به، والانتهاء عما نهى الله عنه (أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) يقول:ثوابا جزيلا لهم من الله على إيمانهم بالله ورسوله، وعملهم في الدنيا الصالحات من الأعمال، وذلك الثواب:هو الجنة التي وعدها المتقون.