القول في تأويل قوله تعالى:وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35)
يقول تعالى ذكره:هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب ( دَخَلَ جَنَّتَهُ ) وهي بستانه (وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) وظلمه نفسه:كفره بالبعث، وشكه في قيام الساعة، ونسيانه المعاد إلى الله تعالى، فأوجب لها بذلك سخط الله وأليم عقابه ، وقوله:(قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) يقول جلّ ثناؤه:قال لما عاين جنته، ورآها وما فيها من الأشجار والثمار والزروع والأنهار المطردة شكا في المعاد إلى الله:ما أظنّ أن تبيد هذه الجنة أبدا، ولا تفنى ولا تَخْرب ، وما أظنّ الساعة التي وعد الله خلقه الحشر فيها تقوم فتحدث، ثم تمنى أمنية أخرى على شكّ منه، فقال:( وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي ) فرجعت إليه، وهو غير موقن أنه راجع إليه ( لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ) يقول:لأجدنّ خيرا من جنتي هذه عند الله إن رددت إليه مرجعا ومردًا، يقول:لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منها في المعاد إن رددت إليه.