{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ( 35 )} .
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} أي بصاحبه يطوف به فيها ويفاخره بها .كما يدل عليه السياق ومحاورته له .وإفراد الجنة هنا مع أن له جنتين كما مر ،إما لعدم تعلق الغرض بتعددها ،وإما لاتصال إحداهما بالأخرى ،وإما لأن الدخول يكون في واحدة فواحدة .وقيل:الإضافة تأتي لمعنى اللام .فالمراد بها العموم والاستغراق .أي كل ما هو جنة له يتمتع بها .فيفيد ما أفادته التثنية مع زيادة .وهي الإشارة إلى أنه لا جنة له غير هذه{ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} أي بما يوجب سلب النعمة ،وهو الكفر والعجب .وفي ( العناية ) ظلمه لها إما بمعنى تنقيصها وضررها ،لتعريض نعمته للزوال ونفسه للهلاك ،أو بمعنى وضع الشيء في غير موضعه .لأن مقتضى ما شاهده التواضع المبكي ،لا العجب بها وظنها أنها لا تبيد أبدا .والكفر بإنكار البعث كما يدل عليه قوله:{ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ} أي تهلك وتفنى{ هذه} أي الجنة{ أبدا} لاعتقاده أبدية الدهر ،وأن لا كون سوى ما تقع عليه مشاعره .ولذا قال:
{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ( 36 )} .