وقوله ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم:معناه:وجعلني نفاعا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، قال:ثنا العلاء، عن عائشة امرأة ليث، عن ليث، عن مجاهد ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا ) قال:نفاعا.
وقال آخرون:كانت بركته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال:ثنا محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي، قال:سمعت وُهَيْب ابن ابن الورد مولى بني مخزوم، قال:لقي عالم عالما لما هو فوقه في العلم، قال له:يرحمك الله، ما الذي أعلن من علمي، قال:الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده، وقد اجتمع الفقهاء على قول الله:( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) وقيل:ما بركته؟ قال:الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان.
وقال آخرون معنى ذلك:جعلني معلم الخير.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال:ثنا سفيان في قوله ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) قال:معلما للخير.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد ، قوله ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) قال:معلمًا للخير حيثما كنت.
وقوله ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ) يقول:وقضى أن يوصيني بالصلاة والزكاة، يعنى المحافظة على حدود الصلاة وإقامتها على ما فرضها عليّ. وفي الزكاة معنيان:أحدهما:زكاة الأموال أن يؤدّيها. والآخر:تطهير الجسد من دنس الذنوب; فيكون معناه:وأوصاني بترك الذنوب واجتناب المعاصي.
وقوله ( مَا دُمْتُ حَيًّا ) يقول:ما كنت حيا في الدنيا موجودا، وهذا يبين عن أن معنى الزكاة في هذا الموضع:تطهير البدن من الذنوب، لأن الذي يوصف به عيسى صلوات الله وسلامه عليه أنه كان لا يدّخر شيئا لغد، فتجب عليه زكاة المال ، إلا أن تكون الزكاة التي كانت فرضت عليه الصدقة بكلّ ما فضل عن قوته، فيكون ذلك وجهًا صحيحًا.