قوله تعالى:{وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا} [ مريم: 31] .
إن قلتَ: كيف أُمر بذلك مع أنه كان طفلا ،وخطاب التكليف إنما يكون بعد البلوغ والتمييز ؟
قلتُ: ذلك لا يدلّ على أنه أوصاه بأداء ذلك في الحال ،بل أوصاه في الحال بالأداء بعد البلوغ والتمييز ،أو أن الله صيّره عقب ولادته بالغا مميّزا ،بدليل قوله تعالى:{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} [ آل عمران: 59] فكما أنه تعالى خلق آدم تاما كاملا دفعة ،فكذا القول في"عيسى "عليهما السلام ،وهو أقرب إلى ظاهر قوله:{ما دمت حيّا} [ مريم: 31] ،فما أوصاه بذلك إلا بعد بلوغه وتمييزه .
فإن قلتَ: الزكاة إنما تجب على الأغنياء ،وعيسى لم يزل فقيرا ،لابسا كساء مدة مكثه في الأرض ،مع علمه تعالى بحاله ،فكيف أوصاه بها ؟ !
قلتُ: المراد بالزكاة هنا تزكية النفس وتطهيرها من المعاصي ،لا زكاة المال({[402]} ) .