يقول:وإني خفت بني عمي وعصبتي من ورائي:يقول:من بعدى أن يرثوني، وقيل:عنى بقوله (مِنْ وَرَائِي) من قدّامي ومن بين يديّ ؛ وقد بيَّنت جواز ذلك فيما مضى قبل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) يعني بالموالي:الكلالة الأولياء أن يرثوه، فوهب الله له يحيى.
حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال:ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله:(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) قال:العصبة.
حدثنا أبو كريب، قال:ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) قال:خاف موالي الكلالة.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال:ثنا يزيد، قال:أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح بنحوه.
حدثني يعقوب، قال:ثنا هشيم، قال:أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) قال:يعني الكلالة.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله (خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) قال:العصبة.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا الحسن، قال:أخبرنا عبد الرزاق، قال:أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) قال:العصبة.
حدثني موسى، قال:ثنا عمرو، قال:ثنا أسباط، عن السديّ(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) والموالي:هنّ العصبة ، والموالي:جمع مولى، والمولى والوليّ في كلام العرب واحد. وقرأت قراء الأمصار (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ) بمعنى:الخوف الذي هو خوف الأمن. وروي عن عثمان بن عفان أنه قرأه:(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ) بتشديد الفاء وفتح الخاء من الخفة، كأنه وجه تأويل الكلام:وإني ذهبت عصبتي ومن يرثني من بني أعمامي. وإذا قرئ ذلك كذلك كانت الياء من الموالي مسكنة غير متحركة، لأنها تكون في موضع رفع بخفت.
وقوله (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا) يقول:وكانت زوجتي لا تلد، يقال منه:رجل عاقر، وامرأة عاقر بلفظ واحد، كما قال الشاعر:
لَبِئـسَ الفَتـى أنْ كُـنْتُ أعْوَرَ عاقِرً ا
جبَانـا فَمَـا عُـذْرِي لَدَى كُلّ مَحْضَرِ (1)
وقوله (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) يقول:فارزقني من عندك ولدا وارثا ومعينا.
------------------------
الهوامش:
(1) البيت في ديوان عامر بن الطفيل ، طبعة ليدن سنة 1913 . والرواية فيه "فبئس "في مكان:"لبئس "وفي اللسان:العاقر التي لا تحمل ، ورجل عاقر:لا يولد له ، ونساء عقر ، بضم العين وتشديد القاف المفتوحة . وقد استشهد به المؤلف على معنى العاقر ، في سورة آل عمران ( 3:257 ) وأعاده في هذا الموضع ، ومحل الاستشهاد في الموضعين واحد .