أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
القول في تأويل قوله تعالى:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} يعني تعالى ذكره بقوله:{ أحل لكم} أطلق لكم وأبيح . ويعني بقوله:{ ليلة الصيام} في ليلة الصيام . فأما الرفث فإنه كناية عن الجماع في هذا الموضع , يقال:هو الرفث والرفوث . وقد روي أنها في قراءة عبد الله:{ وأحل لكم ليلة الصيام الرفوث إلى نسائكم} وبمثل الذي قلنا في تأويل الرفث قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك:2396 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري , قال:ثنا أيوب بن سويد , عن سفيان , عن عاصم , عن بكر عن عبد الله المزني , عن ابن عباس قال:الرفث:الجماع , ولكن الله كريم يكني . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن عاصم , عن بكر , عن ابن عباس , مثله . * - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال:الرفث:النكاح . 2397 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا معمر , عن قتادة , قال:الرفث:غشيان النساء . 2398 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} قال:الجماع . * - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . * - حدثني المثنى , قال:حدثنا أبو صالح , قال:حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قال:الرفث:هو النكاح . 2399 - حدثني المثنى , قال:ثنا إسحاق , قال ثنا عبد الكبير البصري , قال:ثنا الضحاك بن عثمان , قال:سألت سالم بن عبد الله عن قوله:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} قال:هو الجماع . 2400 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} يقول:الجماع . والرفث في غير هذا الموضع الإفحاش في المنطق كما قال العجاج:عن اللغا ورفث التكلمهن لباس لكم وأنتم لباس لهن
القول في تأويل قوله تعالى:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} يعني تعالى ذكره بذلك:نساؤكم لباس لكم , وأنتم لباس لهن . فإن قال قائل:وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا ونحن لهن لباسا واللباس إنما هو ما لبس ؟ قيل:لذلك وجهان من المعاني:أحدهما أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسا , لتخرجهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه , فقيل لكل واحد منهما هو لباس لصاحبه , كما قال نابغة بني جعدة:إذا ما الضجيع ثنى عطفها تداعت فكانت عليه لباسا ويروى "تثنت "فكنى عن اجتماعهما متجردين في فراش واحد باللباس كما يكنى بالثياب عن جسد الإنسان , كما قالت ليلى وهي تصف إبلا ركبها قوم:رموها بأثواب خفاف فلا ترى لها شبها إلا النعام المنفرا يعني رموها بأنفسهم فركبوها . وكما قال الهذلي . تبرأ من دم القتيل ووتره وقد علقت دم القتيل إزارها يعني بإزارها نفسها . وبذلك كان الربيع يقول:2401 - حدثني المثنى , قال:ثنا إسحاق , قال:ثنا عبد الرحمن بن سعيد , قال:ثنا أبو جعفر , عن الربيع:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} يقول:هن لحاف لكم , وأنتم لحاف لهن . والوجه الآخر أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه لباسا لأنه سكن له , كما قال جل ثناؤه:{ جعل لكم الليل لباسا} 25 47 يعني بذلك سكنا تسكنون فيه . وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها , كما قال تعالى ذكره:{ وجعل منها زوجها ليسكن إليها} 7 189 فيكون كل واحد منهما لباسا لصاحبه , بمعنى سكونه إليه , وبذلك كان مجاهد وغيره يقولون في ذلك . وقد يقال لما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه هو لباسه وغشاؤه , فجائز أن يكون قيل:هن لباس لكم , وأنتم لباس لهن , بمعنى أن كل واحد منكم ستر لصاحبه فيما يكون بينكم من الجماع عن أبصار سائر الناس . وكان مجاهد وغيره يقولون في ذلك بما:2402 - حدثنا به المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} يقول:سكن لهن . 2403 - حدثنا بشر بن معاذ , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} قال قتادة:هن سكن لكم , وأنتم سكن لهن . 2404 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ هن لباس لكم} يقول:سكن لكم ,{ وأنتم لباس لهن} يقول:سكن لهن . 2405 - حدثني يونس , قال:أخبرنا ابن وهب , قال:قال عبد الرحمن بن زيد في قوله:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} قال:المواقعة . 2406 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا إبراهيم , عن يزيد , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس قوله:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} قال:هن سكن لكم , وأنتم سكن لهن .علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن
القول في تأويل قوله تعالى:{ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن} إن قال لنا قائل:وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم ؟ قيل:كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين:أحدهما جماع النساء , والآخر:المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراما ذلك عليهم . كما:2407 - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , قال:ثنا ابن أبي ليلى:أن الرجل كان إذا أفطر فنام لم يأتها , وإذا نام لم يطعم , حتى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته فقالت امرأته:قد كنت نمت ! فظن أنها تعتل فوقع بها قال:وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم فقالوا:نسخن لك شيئا ؟ قال:ثم نزلت هذه الآية:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} الآية . 2408 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن إدريس , قال:ثنا حصين بن عبد الرحمن , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر , فلما دخل رمضان كانوا يصومون , فإذا لم يأكل الرجل عند فطره حتى ينام لم يأكل إلى مثلها , وإن نام أو نامت امرأته لم يكن له أن يأتيها إلى مثلها . فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك , فقال لأهله:أطعموني ! فقالت:حتى أجعل لك شيئا سخنا , قال:فغلبته عينه فنام . ثم جاء عمر فقالت له امرأته:إني قد نمت ! فلم يعذرها وظن أنها تعتل فواقعها . فبات هذا وهذا يتقلبان ليلتهما ظهرا وبطنا , فأنزل الله في ذلك:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} وقال:{ فالآن باشروهن} فعفا الله عن ذلك . وكانت سنة . 2409 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا يونس بن بكير , قال:ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن معاذ بن جبل , قال:كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا , فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب وإتيان النساء , فكان رجل من الأنصار يدعى أبا صرمة يعمل في أرض له , قال:فلما كان عند فطره نام , فأصبح صائما قد جهد , فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما لي أرى بك جهدا "؟ , فأخبره بما كان من أمره . واختان رجل نفسه في شأن النساء , فأنزل الله{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} . .. إلى آخر الآية . 2410 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال:حدثني أبي , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن البراء - نحو حديث ابن أبي ليلى الذي حدث به عمرو بن مرة , عن عبد الرحمن بن أبي ليلى - قال:كانوا إذا صاموا ونام أحدهم لم يأكل شيئا حتى يكون من الغد , فجاء رجل من الأنصار , وقد عمل في أرض له وقد أعيا وكل , فغلبته عينه ونام , وأصبح من الغد مجهودا , فنزلت هذه الآية:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} . 2411 - حدثني المثنى , قال:ثنا عبد الله بن رجاء البصري , قال:ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن البراء , قال:كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها , وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما , وكان توجه ذلك اليوم فعمل في أرضه , فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال:هل عندكم طعام ؟ قالت:لا , ولكن أنطلق فأطلب لك . فغلبته عينه فنام , وجاءت امرأته قالت:قد نمت ! فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه , فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فنزلت فيه هذه الآية:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى:{ من الخيط الأسود} ففرحوا بها فرحا شديدا . 2412 - حدثني المثنى قال:ثنا أبو صالح , قال:ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة , ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء , منهم عمر بن الخطاب , فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله:{ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن} يعني انكحوهن{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} . 2413 - حدثني المثنى , قال:ثنا سويد , قال:أخبرنا ابن المبارك , عن ابن لهيعة , قال:حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال:كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد . فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده , فوجد امرأته قد نامت فأرادها , فقالت:إني قد نمت ! فقال:ما نمت ! ثم وقع بها , وصنع كعب بن مالك مثل ذلك . فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره , فأنزل الله تعالى ذكره:{ علم الله أنكم كنتم تختالون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن} . .. الآية . 2414 - حدثني المثنى , قال:ثنا الحجاج , قال:ثنا حماد بن سلمة , قال:ثنا ثابت:أن عمر بن الخطاب واقع أهله ليلة في رمضان , فاشتد ذلك عليه , فأنزل الله:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} . 2415 - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} إلى:{ وعفا عنكم} كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه , حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة , حتى إذا صليت حرم عليهم الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة . وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم , إذ سولت له نفسه , فأتى أهله لبعض حاجته , فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة . ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله إنى أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة , فانها زينت لي فواقعت أهلي , هل تجد لي من رخصة يا رسول الله ؟ قال:"لم تكن حقيقا بذلك يا عمر ",فلما بلغ بيته , أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن , وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة , فقال:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى{ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} يعني بذلك الذي فعل عمر بن الخطاب . فأنزل الله عفوه , فقال:{ فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن} إلى:{ من الخيط الأسود} فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح . 2416 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} قال:كان الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصوم الصيام بالنهار , فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء , فإذا رقد حرم ذلك كله عليه إلى مثلها من القابلة . وكان منهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك , فعفا الله عنهم , وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله في الليل كله . 2417 - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال:كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الصائم في رمضان , فإذا أمسى , ثم ذكر نحو حديث محمد بن عمرو وزاد فيه:وكان منهم رجال يختانون أنفسهم , وكان عمر بن الخطاب ممن اختان نفسه , فعفا الله عنهم , وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله , وفي الليل كله . 2418 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا معمر , قال:أخبرني إسماعيل بن شروس , عن عكرمة مولى ابن عباس:أن رجلا قد سماه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم , فقالت له امرأته:لا تنم حتى نصنع لك طعاما ! فنام , فجاءت فقالت:نمت والله ! فقال:لا والله ! قالت:بلى والله ! فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائما , فغشي عليه ; فأنزلت الرخصة فيه . 2419 - حدثنا بشر , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} وكان بدء الصيام أمروا بثلاثة أيام من كل شهر ركعتين غدوة , وركعتين عشية , فأحل الله لهم في صيامهم - في ثلاثة أيام , وفي أول ما افترض عليهم في رمضان - إذا أفطروا وكان الطعام والشراب وغشيان النساء لهم حلالا ما لم يرقدوا , فإذا رقدوا حرم عليهم ذلك إلى مثلها من القابلة . وكانت خيانة القوم أنهم كانوا يصيبون أو ينالون من الطعام والشراب وغشيان النساء بعد الرقاد , وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم , ثم أحل الله لهم ذلك الطعام والشراب وغشيان النساء إلى طلوع الفجر . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} قال:كان الناس قبل هذه الآية إذا رقد أحدهم من الليل رقدة , لم يحل له طعام ولا شراب , ولا أن يأتي امرأته إلى الليلة المقبلة , فوقع بذلك بعض المسلمين , فمنهم من أكل بعد هجعته أو شرب , ومنهم من وقع على امرأته فرخص الله ذلك لهم . 2420 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي , قال:كتب على النصارى رمضان , وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان , فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم , فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى , حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة , وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجر , فأتى أهله بتمر , فقال لامرأته:استبدلي بهذا التمر طحينا فاجعليه سخينة لعلي أن آكله , فإن التمر قد أحرق جوفي , فانطلقت فاستبدلت له , ثم صنعت , فأبطأت عليه فنام , فأيقظته , فكره أن يعصي الله ورسوله , وأبى أن يأكل , وأصبح صائما ; فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشي , فقال:"ما لك يا أبا قيس أمسيت طليحا ",فقص عليه القصة . وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية له في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم ; فلما سمع عمر كلام أبي قيس رهب أن ينزل في أبي قيس شيء , فتذكر هو , فقام فاعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال:يا رسول الله إني أعوذ بالله إني وقعت على جاريتي , ولم أملك نفسي البارحة ! فلما تكلم عمر تكلم أولئك الناس , فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما كنت جديرا بذلك يا ابن الخطاب ",فنسخ ذلك عنهم , فقال:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن , علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} يقول:إنكم تقعون عليهن خيانة ,{ فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} يقول:جامعوهن ; ورجع إلى أبي قيس فقال:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} . 2421 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج قال:قلت لعطاء:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} قال:كانوا في رمضان لا يمسون النساء ولا يطعمون ولا يشربون بعد أن يناموا حتى الليل من القابلة , فإن مسوهن قبل أن يناموا لم يروا بذلك بأسا . فأصاب رجل من الأنصار امرأته بعد أن نام , فقال:قد اختنت نفسي ! فنزل القرآن , فأحل لهم النساء والطعام والشراب حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . قال:وقال مجاهد:كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصوم الصائم منهم في رمضان , فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء , فإذا رقد حرم عليه ذلك كله حتى كمثلها من القابلة , وكان منهم رجاله يختانون أنفسهم في ذلك . فعفا عنهم وأحل لهم بعد الرقاد وقبله في الليل , فقال:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} . .. الآية . 2422 - حدثني القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن عكرمة أنه قال في هذه الآية:{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} مثل قول مجاهد , وزاد فيه:أن عمر بن الخطاب قال لامرأته:لا ترقدي حتى أرجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فرقدت قبل أن يرجع , فقال لها:ما أنت براقدة ! ثم أصابها حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فنزلت هذه الآية . قال عكرمة:نزلت{ وكلوا واشربوا} الآية في أبي قيس بن صرمة من بني الخزرج أكل بعد الرقاد . 2423 - حدثني المثنى , قال:ثنا الحجاج , قال:ثنا حماد , قال:أخبرنا محمد بن إسحاق , عن محمد بن يحيى بن حبان أن صرمة بن أنس أتى أهله ذات ليلة وهو شيخ كبير وهو صائم , فلم يهيئوا له طعاما , فوضع رأسه فأغفى , وجاءته امرأته بطعامه , فقالت له:كل ! فقال:إني قد نمت , قالت:إنك لم تنم ! فأصبح جائعا مجهودا , فأنزل الله:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} فأما المباشرة في كلام العرب:فإنه ملاقاة بشرة ببشرة , وبشرة الرجل:جلدته الظاهرة . وإنما كنى الله بقوله:{ فالآن باشروهن} عن الجماع:يقول:فالآن إذا أحللت لكم الرفث إلى نسائكم فجامعوهن في ليالي شهر رمضان حتى يطلع الفجر , وهي تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر , وبالذي قلنا في المباشرة قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك:2424 - حدثنا محمد بن بشار , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا سفيان . وحدثنا عبد الحميد بن سنان , قال:حدثنا إسحاق , عن سفيان . وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال:ثنا أيوب بن سويد , عن سفيان , عن عاصم , عن بكر بن عبد الله المزني , عن ابن عباس , قال:المباشرة:الجماع , ولكن الله كريم يكني . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن عاصم , عن بكر بن عبد الله المزني , عن ابن عباس نحوه . * - حدثني المثنى , قال:ثنا عبد الله بن صالح , ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس:{ فالآن باشروهن} انكحوهن . * - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال:المباشرة:النكاح . 2425 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال:قلت لعطاء قوله:{ فالآن باشروهن} قال:الجماع , وكل شيء في القرآن من ذكر المباشرة فهو الجماع نفسه , وقالها عبد الله بن كثير مثل قول عطاء في الطعام والشراب والنساء . * - حدثنا حميد بن مسعدة قال:ثنا يزيد بن زريع قال:وحدثنا ابن بشار , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال:المباشرة الجماع , ولكن الله يكني ما شاء بما شاء . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال:حدثنا هشيم , قال أبو بشر:أخبرنا , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس مثله . 2426 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ فالآن باشروهن} يقول:جامعوهن . 2427 - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال:المباشرة:الجماع . 2428 - حدثني المثنى , قال:ثنا سويد , قال:أخبرنا ابن المبارك , عن ابن جريج , عن عطاء , مثله . * - حدثني المثنى , قال:ثنا سويد , قال:أخبرنا ابن المبارك , عن الأوزاعي , قال:حدثني عبدة بن أبي لبابة , قال:سمعت مجاهدا يقول:المباشرة في كتاب الله:الجماع . * - حدثنا ابن البرقي , ثنا عمرو بن أبي سلمة , قال:قال الأوزاعي:ثنا من سمع مجاهدا يقول:المباشرة في كتاب الله الجماع .وابتغوا ما كتب الله لكم
واختلفوا في تأويل قوله{ وابتغوا ما كتب الله لكم} فقال بعضهم:الولد . ذكر من قال ذلك:2429 - حدثني عبدة بن عبد الله الصفار البصري , قال:ثنا إسماعيل بن زياد الكاتب , عن شعبة , عن الحكم , عن مجاهد:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد . 2430 - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثنا سهل بن يوسف وأبو داود , عن شعبة قال:سمعت الحكم:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد . 2431 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا أبو تميلة , قال:ثنا عبيد الله , عن عكرمة قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد . 2432 - حدثني علي بن سهل , قال:ثنا مؤمل , ثنا أبو مردود بحر بن موسى قال:سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول في هذه الآية:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد . 2433 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} فهو الولد . 2434 - حدثني محمد بن سعد , قال:ثنا أبي , قال:ثنا عمي , قال:ثنا أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} يعني الولد . 2435 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثني عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد , فإن لم تلد هذه فهذه . * - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , أخبرنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر , عمن سمع الحسن في قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:هو الولد . 2436 - حدثني المثنى , قال:ثنا إسحاق , قال:ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:ما كتب لكم من الولد . 2437 - حدثني يونس , قال:أخبرنا ابن وهب , قال:قال ابن زيد في قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الجماع . 2438 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال:ثنا الفضل بن خالد , قال:ثنا عبيد بن سلمان , قال:سمعت الضحاك بن مزاحم قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:الولد . وقال بعضهم:معنى ذلك ليلة القدر . ذكر من قال ذلك:2439 - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال:ثنا معاذ بن هشام , قال:ثني أبي عن عمرو بن مالك , عن أبي الجوزاء عن ابن عباس:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:ليلة القدر . قال أبو هشام:هكذا قرأها معاذ . * - حدثني المثنى , قال:ثنا مسلم بن إبراهيم , قال:ثنا الحسن بن أبي جعفر , قال:ثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء , عن ابن عباس في قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} قال:ليلة القدر . وقال آخرون:بل معناه:ما أحله الله لكم ورخصه لكم . ذكر من قال ذلك:2440 - حدثنا بشر بن معاذ , قال:ثنا يزيد بن زريع , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} يقول:ما أحله الله لكم . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا معمر , قال:قال قتادة في ذلك:ابتغوا الرخصة التي كتبت لكم . وقرأ ذلك بعضهم:{ واتبعوا ما كتب الله لكم} ذكر من قال ذلك:2441 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عطاء بن أبي رباح , قال:قلت لابن عباس:كيف تقرأ هذه الآية:{ وابتغوا} أو "واتبعوا "؟ قال:أيتهما شئت . قال:عليك بالقراءة الأولى . والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن يقال:إن الله تعالى ذكره قال:{ وابتغوا} بمعنى:اطلبوا ما كتب الله لكم , يعني الذي قضى الله تعالى لكم . وإنما يريد الله تعالى ذكره:اطلبوا الذي كتبت لكم في اللوح المحفوظ أنه يباح فيطلق لكم وطلب الولد إن طلبه الرجل بجماعه المرأة مما كتب الله له في اللوح المحفوظ , وكذلك إن طلب ليلة القدر , فهو مما كتب الله له , وكذلك إن طلب ما أحل الله وأباحه , فهو مما كتبه له في اللوح المحفوظ . وقد يدخل في قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} جميع معاني الخير المطلوبة , غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه:وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد لأنه عقيب قوله:{ فالآن باشروهن} بمعنى:جامعوهن ; فلأن يكون قوله:{ وابتغوا ما كتب الله لكم} بمعنى:وابتغوا ما كتب الله في مباشرتكم إياهن من الود والنسل أشبه بالآية من غيره من التأويلات التي ليس على صحتها دلالة من ظاهر التنزيل , ولا خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم .وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
القول في تأويل قوله تعالى:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:{ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} فقال بعضهم:يعني بقوله:الخيط الأبيض:ضوء النهار . وبقوله:الخيط الأسود:سواد الليل . فتأويله على قول قائل هذه المقالة:وكلوا بالليل في شهر صومكم , واشربوا , وباشروا نساءكم . مبتغين ما كتب الله لكم من الولد , من أول الليل إلى أن يقع لكم ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده . ذكر من قال ذلك:2442 - حدثني الحسن بن عرفة , قال:ثنا روح بن عبادة , قال:ثنا أشعث , عن الحسن في قول الله تعالى ذكره:{ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} قال:الليل من النهار . 2443 - حدثني موسى بن هارون , قال:ثنا عمرو بن حماد , قال:ثنا أسباط , عن السدي:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} قال:حتى يتبين لكم النهار من الليل . ثم أتموا الصيام إلى الليل . 2444 - حدثنا بشر بن معاذ , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة قوله:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} فهما علمان وحدان بينان فلا يمنعكم أذان مؤذن مراء أو قليل العقل من سحوركم فإنهم يؤذنون بهجيع من الليل طويل . وقد يرى بياض ما على السحر يقال له الصبح الكاذب كانت تسميه العرب , فلا يمنعكم ذلك من سحوركم , فإن الصبح لا خفاء به:طريقة معترضة في الأفق , وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الصبح , فإذا رأيتم ذلك فأمسكوا . 2445 - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} يعني الليل من النهار . فأحل لكم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لكم الصبح , فإذا تبين الصبح حرم عليهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتموا الصيام إلى الليل . فأمر بصوم النهار إلى الليل , وأمر بالإفطار بالليل . 2446 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا أبو بكر بن عياش , وقيل له:أرأيت قول الله تعالى:{ الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ؟ قال:"إنك لعريض القفا ",قال:هذا ذهاب الليل ومجيء النهار . قيل له:الشعبي عن عدي بن حاتم ؟ قال:نعم , حدثنا حصين . وعلة من قال هذه المقالة وتأول الآية هذا التأويل ما:2447 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا حفص بن غياث , عن مجالد بن سعيد , عن الشعبي , عن عدي بن حاتم , قال:قلت يا رسول الله , قول الله:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} قال:"هو بياض النهار وسواد الليل "2448 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن نمير وعبد الرحيم بن سليمان , عن مجالد , عن سعيد , عن عامر , عن عدي بن حاتم , قال:أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الإسلام , ونعت لي الصلوات , كيف أصلي كل صلاة لوقتها , ثم قال:"إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر , ثم أتم الصيام إلى الليل ",ولم أدر ما هو , ففعلت خيطين من أبيض وأسود , فنظرت فيهما عند الفجر , فرأيتهما سواء . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت , غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود , قال:"وما منعك يا ابن حاتم ؟ "وتبسم كأنه قد علم ما فعلت . قلت:فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رئي نواجذه , ثم قال:"ألم أقل لك من الفجر ؟ إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل ". * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا مالك بن إسماعيل , قال:ثنا داود وابن علية جميعا , عن مطرف , عن الشعبي , عن عدي بن حاتم , قال:قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود , أهما خيطان أبيض وأسود ؟ فقال:وإنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين ",ثم قال:"لا ولكنه سواد الليل وبياض النهار ". 2449 - حدثني أحمد بن عبد الرحيم البرقي , قال:ثنا ابن أبي مريم , قال:ثنا أبو غسان , قال:ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد , قال:نزلت هذه الآية:{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} فلم ينزل{ من الفجر} قال:فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض , فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له ; فأنزل الله بعد ذلك:{ من الفجر} فعلموا إنما يعني بذلك:الليل والنهار . وقال متأولو قول الله تعالى ذكره:{ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} أنه بياض النهار وسواد الليل , صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء يملأ بياضه وضوءه الطرق , فأما الضوء الساطع في السماء فإن ذلك غير الذي عناه الله بقوله:{ الخيط الأبيض من الخيط الأسود} . ذكر من قال ذلك:2450 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني , قال:ثنا معتمر بن سليمان , قال:سمعت عمران بن حدير , عن أبي مجلز:الضوء الساطع في السماء ليس بالصبح , ولكن ذاك الصبح الكذاب , إنما الصبح إذا انفضح الأفق . 2451 - حدثني سلم بن جنادة السوائي , قال:ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن مسلم , قال:لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا , كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق . * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا عثام , عن الأعمش , عن مسلم:ما كانوا يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء . 2452 - حدثنا الحسن بن عرفة , قال:ثنا روح بن عبادة , قال:ثنا ابن جريج , قال:أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول:هما فجران , فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئا , ولكن الفجر الذي يستبين على رءوس الجبال هو الذي يحرم الشراب . 2453 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي , قال:ثنا أبو أسامة , عن محمد بن أبي ذؤيب , عن الحرث بن عبد الرحمن , عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان , قال:"الفجر فجران , فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا , وأما المستطير الذي يأخذ الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الصوم ". 2454 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا وكيع وإسماعيل بن صبيح وأبو أسامة , عن أبي هلال , عن سوادة بن حنظلة , عن سمرة بن جندب , قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل , ولكن الفجر المستطير في الأفق ". 2455 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا معاوية بن هشام الأسدي , قال:ثنا شعبة , عن سوادة قال:سمعت سمرة بن جندب يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه وهو يقول:"لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر وينفجر ". وقال آخرون:الخيط الأبيض:هو ضوء الشمس , والخيط الأسود:هو سواد الليل . ذكر من قال ذلك:2456 - حدثنا هشام بن السري , قال:ثنا عبادة بن حميد , عن الأعمش , عن إبراهيم التيمي , قال:سافر أبي مع حذيفة قال:فسار حتى إذا خشينا أن يفجأنا الفجر , قال:هل منكم من أحد آكل أو شارب ؟ قال:قلت له:أما من يريد الصوم فلا . قال:بلى ! قال:ثم سار حتى إذا استبطأنا الصلاة نزل فتسحر . 2457 - حدثنا هناد وأبو السائب , قالا:ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , قال:خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان , فلما طلع الفجر , قال:هل منكم من أحد آكل أو شارب ؟ قلنا:أما رجل يريد أن يصوم فلا . قال:لكني ! قال:ثم سرنا حتى استبطأنا الصلاة , قال:هل منكم أحد يريد أن يتسحر ؟ قال:قلنا أما من يريد الصوم فلا . قال:لكني ! ثم نزل فتسحر , ثم صلى . 2458 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا أبو بكر , قال:ربما شربت بعد قول المؤذن - يعني في رمضان - قد قامت الصلاة . قال:وما رأيت أحدا كان أفعل له من الأعمش , وذلك لما سمع , قال:حدثنا إبراهيم التيمي عن أبيه قال:كنا مع حذيفة نسير ليلا , فقال:هل منكم متسحر الساعة ؟ قال:ثم سار , ثم قال حذيفة:هل منكم متسحر الساعة ؟ قال:ثم سار حتى استبطأنا الصلاة , قال:فنزل فتسحر . 2459 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني , قال:ثنا مصعب بن المقدام , قال:ثنا إسرائيل , قال:ثنا أبو إسحاق عن هبيرة , عن علي , أنه لما صلى الفجر , قال:هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . 2460 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن الصلت , قال:ثنا إسحاق بن حذيفة العطار , عن أبيه , عن البراء , قال:تسحرت في شهر رمضان , ثم خرجت , فأتيت ابن مسعود , فقال:اشرب ! فقلت:إني قد تسحرت . فقال:اشرب ! فشربنا ثم خرجنا والناس في الصلاة . 2461 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا أبو معاوية , عن الشيباني , عن جبلة بن سحيم , عن عامر بن مطر , قال أتيت عبد الله بن مسعود في داره , فأخرج فضلا من سحوره , فأكلنا معه , ثم أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا . 2462 - حدثنا خلاد بن أسلم , قال:ثنا أبو بكر بن عياش , عن أبي إسحاق , عن عبد الله بن معقل , عن سالم مولى أبي حذيفة قال , كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان , فأتيت ذات ليلة فقلت:ألا تأكل يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأومأ بيده أن كف , ثم أتيته مرة أخرى , فقلت له:ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ فأومأ بيده أن كف . ثم أتيته مرة أخرى , فقلت:ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف . ثم أتيته فقلت:ألا تأكل يا خليفة رسول الله ؟ قال , هات غذاءك ! قال:فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين , ثم قام إلى الصلاة . 2463 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال:ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال:الوتر بالليل والسحور بالنهار . وقد روي عن إبراهيم غير ذلك . 2464 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , عن حماد , عن إبراهيم , قال:السحور بليل , والوتر بليل . 2465 - حدثنا حكام عن ابن أبي جعفر , عن المغيرة , عن إبراهيم , قال:السحور والوتر ما بين التثويب والإقامة . 2466 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن شبيب بن غرقدة , عن عروة , عن حبان , قال:تسحرنا مع علي ثم خرجنا وقد أقيمت الصلاة فصلينا . 2467 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا مؤمل , قال:ثنا سفيان , عن شبيب , عن حبان بن الحرث , قال:مررت بعلي وهو في دار أبي موسى وهو يتسحر , فلما انتهيت إلى المسجد أقيمت الصلاة . * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن منصور , عن أبي إسحاق , عن أبي السفر , قال:صلى علي بن أبي طالب الفجر , ثم قال:هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . وعلة من قال هذا القول أن القول إنما هو النهار دون الليل . قالوا:وأول النهار طلوع الشمس , كما أن آخره غروبها . قالوا:ولو كان أوله طلوع الفجر لوجب أن يكون آخره غروب الشفق . قالوا:وفي إجماع الحجة على أن آخر النهار غروب الشمس دليل واضح , على أن أوله طلوعها . قالوا:وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تسحر بعد طلوع الفجر أوضح الدليل على صحة قولنا . ذكر الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:2468 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا أبو بكر , عن عاصم , عن زر , عن حذيفة , قال:قلت:تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال:نعم , قال:لو أشاء لأقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع . * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا أبو بكر , قال:ما كذب عاصم على زر , ولا زر على حذيفة , قال:قلت له:يا أبا عبد الله تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال:نعم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع . 2469 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا مؤمل , قال:ثنا سفيان , عن عاصم , عن زر , عن حذيفة قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر وما أرى مواقع النبل . قال:قلت أبعد الصبح ؟ قال:هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس . 2470 - حدثنا ابن حميد , قال:حدثنا الحكم بن بشير , قال:حدثنا عمرو بن قيس وخلاد الصفار , عن عاصم بن بهدلة , عن زر بن حبيش , قال:أصبحت ذات يوم فغدوت إلى المسجد , فقلت:لو مررت على باب حذيفة ! ففتح لي فدخلت , فإذا هو يسخن له طعام , فقال:اجلس حتى تطعم ! فقلت:إني أريد الصوم . فقرب طعامه فأكل وأكلت معه , ثم قام إلى لقحة في الدار , فأخذ يطلب من جانب وأحلب أنا من جانب , فناولني , فقلت:ألا ترى الصبح ؟ فقال:اشرب ! فشربت , ثم جئت إلى باب المسجد فأقيمت الصلاة , فقلت له:أخبرني بآخر سحور تسحرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال:هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس . 2471 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال:ثنا روح بن جنادة , قال:ثنا حماد , عن محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه ". 2472 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال:ثنا روح بن جنادة , قال:ثنا حماد , عن عمار بن أبي عمار , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله , وزاد فيه:وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر . 2473 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا يحيى بن واضح , قال:ثنا الحسين . وحدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق , قال:سمعت أبي قال:أخبرنا الحسين بن واقد قالا جميعا , عن أبي غالب , عن أبي أمامة قال:أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر , قال:أشربها يا رسول الله ؟ قال:"نعم ",فشربها . 2474 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا يحيى بن واضح , قال:ثنا يونس , عن أبيه , عن عبد الله , قال:قال بلال:أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أؤذنه بالصلاة وهو يريد الصوم , فدعا بإناء فشرب , ثم ناولني فشربت , ثم خرج إلى الصلاة . * - حدثني محمد بن أحمد الطوسي , قال:ثنا عبيد الله بن موسى , قال:أخبرنا إسرائيل , عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مغفل , عن بلال قال:أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أوذنه بصلاة الفجر وهو يريد الصيام , فدعا بإناء فشرب , ثم ناولني فشربت , ثم خرجنا إلى الصلاة . وأولى التأويلين بالآية , التأويل الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "الخيط الأبيض:بياض النهار , والخيط الأسود:سواد الليل "وهو المعروف في كلام العرب , قال أبو دؤاد الإيادي:فلما أضاءت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شرب أو تسحر ثم خرج إلى الصلاة , فإنه غير دافع صحة ما قلنا في ذلك ; لأنه غير مستنكر أن يكون صلى الله عليه وسلم شرب قبل الفجر , ثم خرج إلى الصلاة , إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبين طلوعه ويؤذن لها قبل طلوعه . وأما الخبر الذي روي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر وأنا