( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ )، يقول:إذا رأت هذه النار التي اعتدناها لهؤلاء المكذبين أشخاصهم من مكان بعيد, تغيظت عليهم، وذلك أن تغلي وتفور، يقال:فلان تغيظ على فلان, وذلك إذ غضب عليه، فغلى صدره من الغضب عليه، وتبين في كلامه، (وَزَفِيرًا), وهو صوتها.
فإن قال قائل:وكيف قيل ( سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا ) والتغيظ:لا يسمع، قيل معنى ذلك:سمعوا لها صوت التغيظ من التلهب والتوقد.
حدثني محمود بن خداش, قال:ثنا محمد بن يزيد الواسطي, قال:ثنا أصبع بن زيد الوَرَّاقُ, عن خالد بن كثير, عن فديك, عن رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَقُولُ عَليَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا "قالوا:يا رسول الله, وهل لها من عين؟ قال:"أَلَمْ تَسْمَعُوا إلى قَوْلِ اللهِ ( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) ... الآية.
حدثنا الحسن, قال:أخبرنا عبد الرزاق, قال:أخبرنا معمر في قوله:( سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) قال:أخبرني المنصور بن المعتمر, عن مجاهد, عن عبيد بن عمير, قال:إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائضه حتى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه, فيقول:يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي!.
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي, قال:ثنا عبيد الله بن موسى, قال:أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال:إن الرجل ليجر إلي النار, فتنـزوي، وينقبض بعضها إلى بعض, فيقول لها الرحمن:ما لك؟ فتقول:إنه ليستجير مني! فيقول:أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجر إلى النار, فيقول:يا رب ما كان هذا الظن بك؟ فيقول:ما كان ظنك؟ فيقول:أن تسعني رحمتك، قال:فيقول أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجرُّ إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف.