القول في تأويل قوله تعالى:وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله:( وَإِنَّهُ ) وما المعنيّ بها, ومن ذكر ما هي, فقال بعضهم:هي من ذكر عيسى, وهي عائدة عليه. وقالوا:معنى الكلام:وإن عيسى ظهوره علم يعلم به مجيء الساعة, لأن ظهوره من أشراطها ونـزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا, وإقبال الآخرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال:ثنا عبد الرحمن, قال:ثنا سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن يحيى, عن ابن عباس,( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال:خروج عيسى ابن مريم.
حدثنا ابن المثنى, قال:ثنا ابن أبي عدي, عن شعبة, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس بمثله, إلا أنه قال:نـزول عيسى ابن مريم.
حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ, قال:ثنا غالب بن قائد, قال:ثنا قيس, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس, أنه كان يقرأ "وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ"قال:نـزول عيسى ابن مريم.
حدثنا أبو كُرَيب, قال:ثنا ابن عطية, عن فضيل بن مرزوق, عن جابر, قال:كان ابن عباس يقول:ما أدري علم الناس بتفسير هذه الآية, أم لم يفطنوا لها؟"وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ"قال:نـزول عيسى ابن مريم.
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:"وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ"قال:نـزول عيسى ابن مريم.
حدثني يعقوب, قال:ثنا هشيم, قال:أخبرنا حصين, عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله:( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قالا نـزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما "وَإِنَّهُ لَعَلْمٌ للسَّاعَةِ".
حدثنا محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال:آية للساعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة "وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ"قال:نـزول عيسى ابن مريم علم للساعة:القيامة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال:ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله:"وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ"قال:نـزول عيسى ابن مريم علم للساعة.
حدثنا محمد, قال:ثنا أحمد, قال:ثنا أسباط, عن السديّ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال:خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
حدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد, قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) يعني خروج عيسى ابن مريم ونـزوله من السماء قبل يوم القيامة.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله:( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قال:نـزول عيسى ابن مريم علم للساعة حين ينـزل.
وقال آخرون:الهاء التي في قوله:( وَإنَّهُ ) من ذكر القرآن, وقالوا:معنى الكلام:وإن هذا القرآن لعلم للساعة يعلمكم بقيامها, ويخبركم عنها وعن أهوالها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة, قال:كان الحسن يقول:"وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للسَّاعَةِ"هذا القرآن.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال:ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة قال:كان ناس يقولون:القرآن علم للساعة. واجتمعت قرّاء الأمصار في قراءة قوله:( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) على كسر العين من العلم. ورُوي عن ابن عباس ما ذكرت عنه في فتحها, وعن قتادة والضحاك.
والصواب من القراءة في ذلك:الكسر في العين, لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ, وإنه لذكر للساعة, فذلك مصحح قراءة الذين قرءوا بكسر العين من قوله:( لَعِلْمٌ ).
وقوله:( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ) يقول:فلا تشكنّ فيها وفي مجيئها أيها الناس.
كما حدثنا محمد, قال:ثنا أحمد, قال:ثنا أسباط, عن السديّ( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ) قال:تشكون فيها.
وقوله:( وَاتَّبِعُونَ ) يقول تعالى ذكره:وأطيعون فاعملوا بما أمرتكم به, وانتهوا عما نهيتكم عنه,( هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) يقول:اتباعكم إياي أيها الناس في أمري ونهي صراط مستقيم, يقول:طريق لا اعوجاج فيه, بل هو قويم.