/م57
والآية التالية إشارة إلى خصيصة أُخرى من خصائص المسيح ( عليه السلام ) فتقول: إن عيسى سبب العلم بالساعة ( وإنه لعلم للساعة )إمّا أن ولادته من غير أب دليل على قدرة الله اللامتناهية ،فتحُل على ضوئها مسألة الحياة بعد الموت ،أو من جهة نزول المسيح ( عليه السلام ) من السماء في آخر الزمان طبقاً لروايات عديدة ،ونزوله هذا دليل على اقتراب قيام الساعة .
يقول جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول: «ينزل عيسى بن مريم ،فيقول أميرهم: تعال صلّ بنا ،فيقول: لا ،إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأُمّة »{[4233]} .
ونقرأ في حديث آخر عن النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم »{[4234]} .
وعلى أية حال ،فإنّ إطلاق ( العلم ) على المسيح نوع من التأكيد والمبالغة ،وهو إشارة إلى أن نزوله من علامات القيامة حتماً .
واحتمل أيضاً أن يعود الضمير في ( أنه ) على القرآن ،وعلى هذا يكون معنى الآية: إنّ نزول القرآن الذي هو آخر الكتب السماوية ،دليل على اقتراب الساعة ،ويخبر عن قيام القيامة .
غير أنّ الآيات السابقة واللاحقة حول عيسى تقوي التّفسير الأوّل .
ثمّ تقول الآية بعد ذلك: إن قيام الساعة حتم ،ووقوعها قريب: ( فلا تمترنَّ بها ) لا من حيث الاعتقاد بها ولا من حيث الغفلة عنها .
( واتبعون هذا صراط مستقيم ) وأي صراط أكثر استقامة من الذي يخبركم بالمستقبل الخطير الذي ينتظركم ،ويحذركم منه ،ويدلكم على طريق النجاة من أخطار يوم البعث ؟!