القول في تأويل قوله:وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"وترى "يا محمد ="كثيرًا "، من هؤلاء اليهود الذين قصصت عليك نبأهم من بني إسرائيل="يسارعون في الإثم والعدوان "، يقول:يعجلون بمواقعة الإثم. (43)
* * *
وقيل:إن "الإثم "في هذا الموضع، معنيّ به الكفر. (44)
12235 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"وترى كثيًرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان "، قال:"الإثم "، الكفر.
12236 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وترى كثيًرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان "، وكان هذا في حُكّام اليهود بين أيديكم. (45)
12237 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يسارعون في الإثم والعدوان "، قال:هؤلاء اليهود="لبئس ما كانوا يعملون "=لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ، إلى قوله:لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ، قال:"يَصْنَعُونَ"و "يعملون "واحد. قال:لهؤلاء حين لم ينهوا، كما قال لهؤلاء حين عملوا.
قال:وذلك الإدهان. (46)
* * *
قال أبو جعفر:وهذا القول الذي ذكرناه عن السدي، وإن كان قولا غير مدفوع جوازُ صحته، فإن الذي هو أولى بتأويل الكلام:أن يكون القوم موصوفين بأنهم يسارعون في جميع معاصي الله، لا يتحاشون من شيء منها، لا من كفر ولا من غيره. لأن الله تعالى ذكره عمَّ في وصفهم بما وصفهم به من أنهم يسارعون في الإثم والعدوان، من غير أن يخصّ بذلك إثمًا دون إثم.
* * *
وأما "العدوان "، فإنه مجاوزة الحدّ الذي حدَّه الله لهم في كل ما حدَّه لهم. (47)
* * *
وتأويل ذلك:أن هؤلاء اليهود الذين وصفهم في هذه الآيات بما وصفهم به تعالى ذكره، يسارع كثير منهم في معاصي الله وخلاف أمره، ويتعدَّون حدودَه التي حدَّ لهم فيما أحلّ لهم وحرّم عليهم، في أكلهم "السحت "= وذلك الرشوة التي يأخذونها من الناس على الحكم بخلاف حكم الله فيهم. (48)
* * *
يقول الله تعالى ذكره:"لبئس ما كانوا يعملون "، يقول:أقسم لَبئس العمل ما كان هؤلاء اليهود يعملون، في مسارعتهم في الإثم والعدوان، وأكلهم السحت.
* * *