وقوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) يقول:وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب، وذلك كقول القائل الآخر:جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ، بمعنى:جعلت:شكر إحساني، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ.
وقد ذُكر عن الهيثم بن عدّي:أن من لغة أزد شنوءة:ما رزق فلان:بمعنى ما شكر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأمل على اختلاف فيه منهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا يحيى، قال:ثنا سفيان، قال:ثني عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلميّ، عن عليّ رضي الله عنه ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:شكركم.
حدثنا ابن المثنى، قال:ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ رفعه ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:شكركم تقولون مُطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال:ثنا يحيى بن أبي بكر، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال "( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:شُكْرَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، قال:ويقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ".
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا محمد بن جعفر، قال:ثنا شعبة، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافرًا، يقولون:مُطرنا بنوء كذا وكذَا، وقرأ ابن عباس ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا ابن عطية، قال:ثنا معاذ بن سليمان، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) ثم قال:ما مُطر الناس ليلة قطّ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون:مُطرنا بنوء كذا وكذا، قال:وقال وتجعلون شكركم أنكم تكذّبون.
حدثني يعقوب، قال:ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ) يقول:شكركم على ما أنـزلت عليكم من الغيث والرحمة تقولون:مُطرنا بنوء كذا وكذا؛ قال:فكان ذلك منهم كفرًا بما أنعم عليهم.
حدثني يونس، قال:أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، قال:أحسبه أو غيره "أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلا ومطروا يقول:مُطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال:كَذَبْتَ بَلْ هـُوَ رِزْقُ الله ".
حدثني يونس، قال:أخبرنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:"إِنَّ اللهَ لَيُصَبَّحُ القَوْمَ بالنِّعْمَةِ، أَوْ يُمَسِّيهِم بِهَا، فَيُصْبِحُ بِهَا قَوْمٌ كَافِرينَ يَقُولُونَ:مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا "قال محمد:فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب، فقال:ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي فلما استسقى التفت إلى العباس فقال:يا عباس يا عمَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، كم بقي من نوء الثريا؟ فقال:العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعًا، قال:فما مضت سابعة حتى مُطروا.
حدثنا ابن حُميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:كان يقرؤها( وتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أنَّكُم تُكَذِّبُونَ) يقول:جعلتم رزق الله بنوء النجم، وكان رزقهم في أنفسهم بالأنواء أنواء المطر إذا نـزل عليهم المطر، قالوا:رُزقنا بنوء كذا وكذا، وإذا أمسك عنهم كذّبوا، فذلك تكذيبهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عطاء الخراساني، في قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:كان ناس يمطرون فيقولون:مُطرنا بنوء كذا، مُطرنا بنوء كذا.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) قال:قولهم في الأنواء:مُطرنا بنوء كذا ونوء كذا، يقول:قولوا هو من عند الله وهو رزقه.
حُدثت، عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول، في قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) يقول:جعل الله رزقكم في السماء، وأنتم تجعلونه في الأنواء.
حدثني أبو صالح الصراري، قال:ثنا أبو جابر "محمد بن عبد الملك الأزدي"قال:ثنا جعفر بن الزبير، عن القاسم بن أبي أمامة، عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:"ما مُطِرَ قَوْمٌ مِنْ لَيْلَةٍ إلا أَصْبَحَ قَوْمٌ بِهَا كَافِرِينَ، ثم قال:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) "يقول قَائلٌ مُطِرْنا بنَجْمِ كَذَا وَكَذَا.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:وتجعلون حظكم منه التكذيب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) أما الحسن فكان يقول:بئسما أخذ قوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب به.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، قال:قال الحسن، في قوله:(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ )خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب.