القول في تأويل قوله:قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"قل "، يا محمد، لقومك من قريش الذين يجعلون مع الله إلها آخر=:(اعملوا على مكانتكم)، يقول:اعملوا على حِيالكم وناحيتكم . كما:-
13898- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس:(يا قوم اعملوا على مكانتكم)، يعني:على ناحيتكم .
* * *
يقال منه:"هو يعمل على مكانته، ومَكِينته ".
* * *
وقرأ ذلك بعض الكوفيين:"عَلَى مَكَانَاتِكُمْ"، على جمع "المكانة ".
* * *
قال أبو جعفر:والذي عليه قرأة الأمصار:(عَلَى مَكَانَتِكُمْ)، على التوحيد .
* * *
=(إني عامل)، يقول جل ثناؤه، لنبيه:قل لهم:اعملوا ما أنتم عاملون, فإني عامل ما أنا عامله مما أمرني به ربي =(فسوف تعلمون)، يقول:فسوف تعلمون عند نـزول نقمة الله بكم, أيُّنا كان المحقّ في عمله، والمصيب سبيلَ الرشاد, أنا أم أنتم.
وقوله تعالى ذكره لنبيه:قل لقومك:(يا قوم اعملوا على مكانتكم)، أمرٌ منه له بوعيدهم وتهدّدهم, لا إطلاقٌ لهم في عمل ما أرادُوا من معاصي الله .
* * *
القول في تأويل قوله:مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)
قال أبو جعفر:يعني بقوله جل ثناؤه:(من تكون له عاقبة الدار)، فسوف تعلمون، أيها الكفرة بالله، عند معاينتكم العذابَ, مَن الذي تكون له عاقبة الدار منا ومنكم. (10) يقول:من الذي تُعْقبه دنياه ما هو خير له منها أو شرمنها، (11) بما قدَّم فيها من صالح أعماله أو سَيّئها .
ثم ابتدأ الخبر جل ثناؤه فقال:(إنه لا يفلح الظالمون)، يقول:إنه لا ينجح ولا يفوز بحاجته عند الله مَنْ عمل بخلاف ما أمره الله به من العمل في الدنيا (12) = وذلك معنى:"ظلم الظالم "، في هذا الموضع . (13)
* * *
وفي"من "التي في قوله:(من تكون)، له وجهان من الإعراب:
= الرفع على الابتداء.
= والنصبُ بقوله:(تعلمون)، ولإعمال "العلم "فيه.
والرفع فيه أجود, لأن معناه:فسوف تعلمون أيُّنا له عاقبة الدار؟ فالابتداء في"من "، أصحُّ وأفصح من إعمال "العلم "فيه . (14)
* * *
---------------------
الهوامش:
(10) انظر تفسير (( العاقبة )) فيما سلف 11:272 ، 273 .
(11) في المطبوعة:(( من الذي يعقب دنياه )) ، والذي في المخطوطة هو الصواب .
(12) انظر تفسير (( الفلاح )) فيما سلف 11:296 ، تعليق:5 ، والمراجع هناك .
(13) انظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .
(14) انظر معاني القرآن للفراء 1:355 .