القول في تأويل قوله:إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:(إنما يعمر مساجد الله)، المصدِّق بوحدانية الله, المخلص له العبادة =(واليوم الآخر), يقول:الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياءً من قبورهم يوم القيامة (20) =(وأقام الصلاة)، المكتوبة، بحدودها = وأدَّى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له (21) =(ولم يخش إلا الله)، يقول:ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه، سوى الله (22) =(فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، يقول:فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب. (23)
16555- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله:(إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، يقول:من وحَّد الله، وآمن باليوم الآخر. يقول:أقرّ بما أنـزلالله =(وأقام الصلاة)، يعني الصلوات الخمس =(ولم يخش إلا الله)، يقول:ثم لم يعبد إلا الله = قال:(فعسى أولئك)، يقول:إن أولئك هم المفلحون, كقوله لنبيه:عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا، [سورة الإسراء:79]:يقول:إن ربك سيبعثك مقامًا محمودًا، وهي الشفاعة, وكل "عسى "، في القرآن فهي واجبة.
16556- حدثنا ابن حميد قال:حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال:ثم ذكر قول قريش:إنَّا أهلُ الحرم, وسُقاة الحاج, وعُمَّار هذا البيت, ولا أحد أفضل منا! فقال:(إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، أي:إن عمارتكم ليست على ذلك,(إنما يعمر مساجد الله)، أي:من عمرها بحقها =(من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) = فأولئك عمارها =(فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، و "عسى "من الله حق. (24)
-------------------------
الهوامش:
(20) انظر تفسير "اليوم الآخر "فيما سلف من فهارس اللغة ( آخر ) .
(21) انظر تفسير "إقامة الصلاة "و "إيتاء الزكاة "فيما سلف من فهارس اللغة ( قوم ) ، ( أتى ) .
(22) انظر تفسير "الخشية "فيما سلف ص:158 ، تعليق:3 ، والمراجع هناك .
(23) انظر تفسير "عسى "فيما سلف 13:45 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .
= وتفسير "الاهتداء "فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .
(24) الأثر:16556 - سيرة ابن هشام 4:192 ، وهو تابع الأثر السالف رقم:16539 .