ثم ساق- سبحانه- دليلا عقليا مستمدا من واقع هذا الكون فقال:لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.
أى:لو كان في السموات والأرض آلهة أخرى سوى الله- تعالى-، تدبر أمرهما، لفسدتا ولخرجتا عن نظامهما البديع، الذي لا خلل فيه ولا اضطراب.
وذلك لأن تعدد الآلهة يلزمه التنازع والتغالب بينهم.. فيختل النظام لهذا الكون، ويضطرب الأمر، ويعم الفساد في هذا العالم.
ولما كان المشاهد غير ذلك إذ كل شيء في هذا الكون يسير بنظام محكم دقيق دل الأمر على أن لهذا الكون كله، إلها واحدا قادرا حكيما لا شريك له.
قال صاحب الكشاف:«والمعنى لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا.
وفيه دلالة على أمرين:أحدهما:وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا.
الثاني:أن لا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده، لقوله إِلَّا اللَّهُ.
فإن قلت:لم وجب الأمران؟ قلت:لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف.
قال عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق:كان والله أعز على من دم ناظري. ولكن لا يجتمع فحلان في شول- أى:في عدد مع النياق- .
وقوله- تعالى-:فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ تنزيه لله- تعالى- عما قاله الجاهلون في شأنه- عز وجل-.
أى:فتنزيها لله وتقديسا وتبرئة لذاته عن أن يكون له شريك في ألوهيته، وجل عما وصفه به الجاهلون.