أسباب النزول | المصدر |
---|---|
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إن جاءَكم فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَنِي المُصْطَلِقِ مُصَدِّقًا، وكانَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم عَداوَةٌ في الجاهِلِيَّةِ، فَلَمّا سَمِعَ القَوْمُ بِهِ تَلَقَّوْهُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعالى ولِرَسُولِهِ، فَحَدَّثَهُ الشَّيْطانُ أنَّهم يُرِيدُونَ قَتْلَهُ، فَهابَهم، فَرَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقالَ: إنَّ بَنِي المُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا صَدَقاتِهِمْ وأرادُوا قَتْلِي. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهَمَّ بِغَزْوِهِمْ، فَبَلَغَ القَوْمَ رُجُوعُهُ، فَأْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وقالُوا: سَمِعْنا بِرَسُولِكَ فَخَرَجْنا نَتَلَقّاهُ ونُكْرِمُهُ ونُؤَدِّي إلَيْهِ ما قَبِلْنا مِن حَقِّ اللَّهِ تَعالى، فَبَدا لَهُ في الرُّجُوعِ، فَخَشِينا أنْ يَكُونَ إنَّما رَدَّهُ مِنَ الطَّرِيقِ كِتابٌ جاءَهُ مِنكَ بِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنا، وإنّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن غَضَبِهِ وغَضَبِ رَسُولِهِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إن جاءَكم فاسِقٌ بِنَبَأٍ﴾ . يَعْنِي الوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ.أخْبَرَنا الحاكِمُ أبُو عَبْدِ اللَّهِ الشّاذْياخِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيّا الشَّيْبانِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سابِقٍ، قالَ: حَدَّثَنا عِيسى بْنُ دِينارٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبِي، أنَّهُ سَمِعَ الحارِثَ بْنَ ضِرارٍ يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَدَعانِي إلى الإسْلامِ، فَدَخَلْتُ في الإسْلامِ وأقْرَرْتُ، ودَعانِي إلى الزَّكاةِ فَأقْرَرْتُ بِها، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أرْجِعُ إلى قَوْمِي فَأدْعُوهم إلى الإسْلامِ وأداءِ الزَّكاةِ، فَمَنِ اسْتَجابَ لِي جَمَعْتُ زَكاتَهُ، فَتُرْسِلُ لِإبّانِ كَذا وكَذا لِآتِيَكَ بِما جَمَعْتُ مِنَ الزَّكاةِ. فَلَمّا جَمَعَ الحارِثُ بْنُ ضِرارٍ مِمَّنِ اسْتَجابَ لَهُ وبَلَغَ الإبّانَ الَّذِي أرادَ أنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ احْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَظَنَّ الحارِثُ أنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سَخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ، فَدَعا سَرَواتِ قَوْمِهِ فَقالَ لَهم: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ كانَ وقَّتَ لِي وقْتًا لِيُرْسِلَ إلَيَّ لِيَقْبِضَ ما كانَ عِنْدِي مِنَ الزَّكاةِ، ولَيْسَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الخُلْفُ، ولا أرى حَبْسَ رَسُولِهِ إلّا مِن سَخْطَةٍ، فانْطَلِقُوا فَنَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . وبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إلى الحارِثِ لِيَقْبِضَ ما كانَ عِنْدَهُ مِمّا جَمَعَ مِنَ الزَّكاةِ، فَلَمّا أنْ سارَ الوَلِيدُ حَتّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرِقَ فَرَجَعَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الحارِثَ مَنَعَنِي الزَّكاةَ وأرادَ قَتْلِي. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ البَعْثَ إلى الحارِثِ، وأقْبَلَ الحارِثُ بِأصْحابِهِ فاسْتَقْبَلَ البَعْثَ وقَدْ فَصَلَ مِنَ المَدِينَةِ، فَلَقِيَهُمُ الحارِثُ، فَقالُوا: هَذا الحارِثُ. فَلَمّا غَشِيَهم قالَ لَهم: إلى مَن بُعِثْتُمْ ؟ قالُوا: إلَيْكَ. قالَ: ولِمَ ؟ قالُوا: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ بَعَثَ إلَيْكَ الوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَرَجَعَ إلَيْهِ فَزَعَمَ أنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكاةَ وأرَدْتَ قَتْلَهُ. قالَ: لا والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ ما رَأيْتُهُ ولا أتانِي. فَلَمّا أنْ دَخَلَ الحارِثُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”مَنَعْتَ الزَّكاةَ وأرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِي ؟“ . فَقالَ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما رَأيْتُ رَسُولَكَ ولا أتانِي، ولا أقْبَلْتُ إلّا حِينَ احْتَبَسَ عَلَيَّ رَسُولُكُ خَشْيَةَ أنْ يَكُونَ سَخْطَةً مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ. قالَ: فَنَزَلَتْ في الحُجُراتِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إن جاءَكم فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾ . إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ ونِعْمَةً واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ . ' | الاستيعاب في بيان الأسباب |