قوله تعالى : { في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } الآية . قيل إن معناه أن المصابيح المقدَّم ذِكْرُها في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ . وقيل : " تُوقَدُ في بيوت أذن الله أن ترفع " . وقال ابن عباس : " هذه البيوت هي المساجد " ، وكذلك قال الحسن ومجاهد . وقال مجاهد : " أن ترفع معناه ترفع بالبناء ، كما قال : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } [ البقرة : 127 ] " ، وقال : " أن ترفع أن تعظم بذكره لأنها مواضع الصلوات والذكر " . وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه سئل عن صلاة الضحى فقال : " إنها لفي كتاب الله وما يَغُوص عليها إلا غوَّاصٌ " ثم قرأ : { في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ } .
قال أبو بكر : يجوز أن يكون المراد الأمرين جميعاً مِنْ رَفْعِها بالبناء ومن تعظيمها جميعاً ؛ لأنها مبنية لذكر الله والصلاة ، وهذا يدلّ على أنه يجب تنزيهها من القعود فيها لأمور الدنيا مثل البيع والشراء وعمل الصناعات ولَغْوِ الحديث الذي لا فائدة فيه والسفه وما جرى مجرى ذلك . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ ومَجَانِينَكُمْ ورَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وبَيْعَكُمْ وشِرَاكُمْ وإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وجَمِّرُوهَا في جُمَعِكُمْ وضَعُوا على أَبْوَابِهَا المَطَاهِرَ " .
وقوله تعالى : { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالآصَالِ } ، قال ابن عباس والضحاك : " يصلَّى له فيها بالغداة والعشيّ " . وقال ابن عباس : " كل تسبيح في القرآن صلاة " .