وقوله تعالى : { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ } ؛ رَوَى سفيان عن سلمة بن كهيل عن مجاهد في قوله : { وَالشُّعَرَاءَ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ } قال : " عصاة الجِنّ " .
وروى خصيف عن مجاهد : { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ } قال : " الشاعران يتهاجيان فيكون لهذا أتباع ولهذا أتباع من الغواة ، فذمَّ الله الشعراء الذين صفتهم ما ذُكر وهم الذين في كل وادٍ يهيمون ويقولون ما لا يفعلون ، وشبهه بالهائم على وجه في كل وادٍ يعن له لما يغلب عليه من الهوى غير مفكر في صحة ما يقول ولا فساده ولا في عاقبة أمره " .
وقال ابن عباس وقتادة : { في كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } : " في كل لَغْوٍ يخوضون ، يمدحون ويذمّون ، يعنون الأباطيل " .
ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لأنْ يَمْتَلىءَ جَوْفُ أَحَدِكمْ قَيْحاً حَتَّى يَريهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِىءَ شِعْراً " ، ومعناه الشعر المذموم الذي ذمَّ الله قائله في هذه الآية ؛ لأنه قد استثنى المؤمنين منهم بقوله : { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا } .
ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحسان : " اهْجُهُمْ وَمَعَكَ رُوحُ القُدُسِ " ، وذلك موافق لقوله : { وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } ، كقوله تعالى : { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } [ الشورى : 41 ] ، وقوله : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } [ النساء : 148 ] .
ورَوَى أبيُّ بن كعب وعبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَة " .