قوله تعالى : { يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بالحَقِّ ولا تَتَّبِع الهَوَى } .
حدثنا عبدالباقي بن قانع قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا عبدالرّحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن قال : " إن الله أخذ على الحكام ثلاثاً : أن لا يتبعوا الهوى ، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس ، وأن لا يشتروا بآياته ثمناً قليلاً " ، ثم قرأ : { يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بالحَقِّ وَلا تَتَّبِع الهَوَى } الآية ، وقرأ : { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا } إلى قوله : { فلا تخشوا الناس واخشون } [ المائدة : 44 ] .
ورَوَى سليمان بن حرب عن حماد بن أبي سلمة عن حميد قال : لما اسْتُقْضِي إياس بن معاوية أتاه الحسن ، فبكى إياس فقال له الحسن : ما يبكيك يا أبا وائلة ؟ قال : بلغني أن القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة ، رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار ورجل مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة ، قال الحسن : إن فيما قصَّ الله من نبأ داود وسليمان : { إذ يحكمان في الحرث } [ الأنبياء : 78 ] إلى قوله : { وكلاًّ آتينا حكماً وعلماً } [ الأنبياء : 79 ] فأثنى على سليمان ولم يذمَّ داود ؛ ثم قال الحسن : إن الله أخذ على الحكام ثلاثاً ، وذكر نحو الحديث الأول .
قال أبو بكر : قد بيَّن في حديث أبي بُريدة معنى ما ذكر في الحديث الذي رواه إياس بن معاوية أن القاضي إذا أخطأ فهو في النار ، وهو ما حدثنا محمد بن بكر البصري قال : حدثنا أبو داود السجستاني قال : حدثنا محمد بن حسان السمني قال : حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " القُضَاةُ ثَلاثَةٌ : وَاحِدٌ في الجَنَّةِ ، واثْنَانِ في النَّارِ ، فأمّا الَّذي في الجَنَّةِ فرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَقَضَى بِهِ ، ورَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَجَازَ في الحُكْمِ فهو في النَّارِ ، ورَجُلٌ قَضَى للنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ في النَّارِ " فأخبر أن الذي في النار من المخطئين هو الذي تقدم على القضاء بجهل .