قوله تعالى : { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ في الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } . قال الحسن وقتادة والسدي : " إخوان الشياطين في الضلال يَمدّهم الشيطان " . وقال مجاهد : " إخوان المشركين من الشيطان " . وسمّاهم إخواناً لاجتماعهم على الضلالة ، كالإِخْوَةِ من النسب في التعاطف به وحَنِين بعضهم إلى بعض لأجله ، كما سَمَّى المؤمنين إخواناً بقوله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } [ الحجرات : 10 ] لتعاطفهم وتواصُلهم بالدين ؛ فأخبر عن حال من استعاذ بالله من نَزْغِ الشيطان ووساوسه في بصيرته ومعرفته بقبح ما يدعوه إليه وتباعده منه ومن دواعي شهواته برجوعه إلى الله وإلى ذكره . وهذه الاستعاذة تجوز أن تكون بقوله : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وجائز أن تكون بالفكر في نِعَمِ الله تعالى عليه وفي أوامره ونواهيه وما يؤول به إليه الحال من دوام النعيم فيهون عنده دواعي هواه وحوادث شهواته ونزغات الشيطان بها . ثم أخبر تعالى عن حال من أعرض عن ذكر الله والاستعاذة به فقال : { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ في الغَيّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } ، فكلما تباعدوا عن الذكر مَضَوْا مع وساوس الشيطان وغَيِّه غير مقصرين عنه ، وهو نظير قوله تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً } [ طه : 124 ] ، وقوله تعالى : { ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد في السماء } [ الأنعام : 125 ] ، وبالله التوفيق .