قوله تعالى : { يَا أَيهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَادِقِينَ } ، الآية :[ 119 ] :
فيه دلالة على التأمل في الأقوال ، وأن لا نتبع منها إلا ما دلت الدلالة عليه ، وبان صدقه ، فأما أن نأخذ تقليداً دون أن نعلم صدقه فلا وليس فيه دلالة على أخبار الآحاد والظنون ، فإنها لا تقبل عندنا إلا إذا دل الدليل القاطع على وجوب اتباعها والعمل بها عند ذلك الدليل ، الذي يوجب العلم به ، معلوم صدقه حقيقة ، فيكون الإتباع للصادق تحقيقاً .
وقال تعالى في سورة البقرة : { لَيْسَ البِر أَنْ تُوَلوا وُجُوهَكُم قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمغْرِبِِ ، وَلَكِنِ البِر مَنْ آمَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ - إلى قوله - أُولَئِكَ الّذِينَ صَدَقُوا{[1445]} } ، وهذه صفة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، المهاجرين والأنصار منهم ، ثم قال في هذه الآية : { كُونُوا مَعَ الصَّادِقينَ{[1446]} } ، فدل على وجوب إتباعهم والإقتداء بهم ، لإخباره أن من فعل ما ذكر في الآية فهم الذين صدقوا ، ولا يدل ذلك على وجوب اتباع إجماعهم ، إلا إذا بان بالدليل صدقهم فيه .