الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إذَا كِلْتُمْ } يُرِيدُ أَعْطُوهُ بِالْوَفَاءِ ، وَهُوَ التَّمَامُ ، لَا بَخْسَ فِيهِ ، بِالْقِسْطِ ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ : { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ } يَعْنِي الْمِيزَانَ الْعَدْلَ . وَقَالَ الْحَسَنُ : هُوَ الْقَبَّانُ يَعْنِي بِهِ مَا قَالَ اللَّهُ مُخْبِرًا عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : { وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ } وَقَالَ : { وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ } لَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِنُقْصَانٍ .
وَمِنْ نَوَادِرِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ مَا أَنْبَأَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاعِظُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إذَا أَمْسَكْت عَلَّاقَةَ الْمِيزَانِ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ ، وَارْتَفَعَتْ سَائِرُ الْأَصَابِعِ كَانَ تَشَكُّلِهَا مَقْرُوءًا بِقَوْلِك اللَّهُ ، فَكَأَنَّهَا إشَارَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ فِي تَسْيِيرِ الْوَزْنِ كَذَلِكَ إلَى أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْك ، فَاعْدِلْ فِي وَزْنِك .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ : { ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } : أَيْ عَاقِبَةً . مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَدْلَ وَالْوَفَاءَ فِي الْكَيْلِ أَفْضَلُ لِلتَّاجِرِ وَأَكْرَمُ لِلْبَائِعِ من طَلَبِ الْحِيلَةِ فِي الزِّيَادَةِ لِنَفْسِهِ ، وَالنُّقْصَانِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَأَحْسَنُ عَاقِبَةٍ ، فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .