الْآيَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا إذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ إنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا } .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الذِّكْرُ مَشْرُوعٌ لِلْعَبْدِ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى النَّدْبِ ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ كُلَّ أَحْيَانِهِ ) . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ : ( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا ، فَقُضِيَ بَيْنَهَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا ) .
وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ إذَا دَخَلَ أَحَدُنَا مَنْزِلَهُ أَوْ مَسْجِدَهُ ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ اللَّهُ : { وَلَوْلَا إذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ } أَيْ مَنْزِلَك قُلْت : { مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ } . قَالَ أَشْهَبُ : قَالَ مَالِكٌ : يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ لِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ : رَأَيْت عَلَى بَابِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مَكْتُوبًا { مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ } .
وَرُوِيَ أَنَّ مَنْ قَالَ أَرْبَعًا أَمِنَ من أَرْبَعٍ ، مَنْ قَالَ هَذِهِ أَمِنَ من هَذَا ، وَمَنْ قَالَ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَمِنَ من كَيْدِ النَّاسِ لَهُ قَالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } .
وَمَنْ قَالَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللَّهِ أَمَّنَهُ اللَّهُ من الْمَكْرِ . قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْعَبْدِ الصَّالِحِ أَنَّهُ قَالَ : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } .
وَمَنْ قَالَ : { لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْت من الظَّالِمِينَ } ، أَمِنَ من الْغَمِّ ، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : مَا من أَحَدٍ يَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ إلَّا رَضِيَ بِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .