وهنا تذكر الإخوة مصيبة أُخرى قد ألمّت بعائلتهم والشاهد الحي على ما اقترفوه في حقّ أخيهم ألا وهو أبوهم حيث فقد الشيخ الكبير بصره حزناً وفراقاً على يوسف ،أمّا يوسف فإنّه قد وجد لهذه المشكلة حلا حيث خاطبهم بقوله: ( اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً ) ثمّ طلب منهم أن يجمعوا العائلة ويأتوا بهم جميعاً ( واتوني بأهلكم أجمعين ) .
بحوث
1من الذي حمل قميص يوسف ؟
ورد في بعض الرّوايات أنّ يوسف قال: إنّ الذي يحمل قميصي المشافي إلى أبي لابدّ وأن يكون هو نفسه الذي حمل قميصي الملطّخ بالدماء إليه ،لكي يدخل السرور على قلبه بعد أن ملأ قلبه حزناً وألماً من قبل !فأعطى ل( يهودا ) قميصه بعد أن اعترف له أنّه هو الذي حمل قميصه الملطّخ بالدماء إلى أبيه وأخبره بأنّ الذئب قد أكل يوسف ،وهذا التصرّف من يوسف إن لم يدلّ على شيء فإنّه يدلّ على أنّه برغم أعماله الكثيرة ومتاعبه اليوميّة ،فإنّه لم يغفل عن صغائر الأُمور المتعلّقة بالسلوك الأخلاقي{[1898]} .
2يوسف وجلالة شأنه:
ورد في بعض الرّوايات أنّ إخوة يوسفبعد هذه القضاياكانوا يحسّون بالخجل الشديد فأرسلوا إليه من يقول له: يا يوسف إنّك تستضيفنا كلّ يوم صباحاً ومساءًعلى مائدتك فنأكل من زادك وهذا ما يزيد في خجلنا حيث لا نطيق النظر إلى وجهك بعد أن نتذكّر إساءتنا إليك ،فأجابهم بكلمة لطيفة ليبعد عنهم الخجل بأنّ الفضل يعود إليهم ،وأنّ جلوسهم على مائدته لهو مكرمة منهم وإنّ الشعب المصري كانوا ينظرون إليّ نظرة الحرّ إلى العبد ويقولون فيما بينهم ( سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ !!) أي انظروا إلى فعل الله سبحانه وتعالى بهذا العبد فإنّه قد بيع في السوق بعشرين درهماً وهو الآن وصل إلى هذه المرتبة السامية ،لكنّهم الآن ينظرون إلى مائدتي وأنتم جلوس حولها ،فيعرفون قدري وتثبت لهم منزلتي وإنّني لست بعبد ذليل بيع بعشرين درهماً ،وإنّما أنا سليل بيت النبوّة والرسالة ومن أولاد نبي الله إبراهيم الخليل ،وهذا ما اُباهي وأفتخر به أمام الآخرين{[1899]} .
/خ93