التّفسير
من هم الذين لهم أهلية الشفاعة ؟
بملاحظة البحث في الآيات السابقة الذي كان حول المشركين ،فإنّ البحث في هذه الآيات ،إِشارة إلى بعض علل انحراف هؤلاء ،ثمّ تبيّن الآيات في النهاية عاقبتهم المشؤومة ،وتثبت هذه الحقيقة ،وهي أنّ هذه الآلهة لم تكن سبب عزتهم بل أصبحت سبب ذلهم وشقائهم ،فتقول أولا: ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً ) .
«الأزّ » في الأصلكما يقول الراغب في المفرداتيعني غليان القدر ،وتقلب محتواه عند شدة غليانه ،وهو هنا كناية عن مدى تسلط الشياطين على هؤلاء ،بحيث أنّهم يوجهونهم بالصورة التي يريدونها ،وفي المسير الذي يشاؤون ،ويقلبونهم كيف يشتهون !
ومن البديهيكما قلنا ذلك مراراًأن تسلّط الشياطين على بني آدم ليس تسلطاً إِجبارياً ،بل إِنّ الإِنسان الذي يسمح للشياطين بالنفوذ إلى قلبه وروحه ،هو الذي يطوق رقبته بقيد العبودية لهم ،ويقبل بطاعتهم ،كما يقول القرآن في الآية ( 100 ) من سورة النحل: ( إِنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ) .