/م19
التّفسير
خصمان متقابلان !
أشارت الآية السابقة إلى المؤمنين وطوائف مختلفة من الكفّار ،وحدّدتهم بستّ فئات .أمّا هنا فتقول: ( هذان خصمان اختصموا في ربّهم ){[2603]} أي أنّ الخصام بين مجموعتين ،هما: طوائف الكفّار الخمس من جهة ،والمؤمنون الحقيقيّون من جهة أُخرى .وإذا تفحّصنا الأمر وجدنا أساس الخلاف بين الأديان في ذات الله تعالى وصفاته ،وهو يمتدّ إلى الخلاف في النبوّة والمعاد .لهذا لا ضرورة إلى القول بأنّ الناس مختلفين في دين الله .إذ أنّ أساس الخلاف وجذوره يعود إلى الخلاف في توحيده تعالى فقط .فجميع الأديان قد حرّفت ،والباطل منها قد اختلط بنوع من الشرك ،وبدت دلائله في جميع اعتقادات أصحاب هذه الأديان .
ثمّ تبيّن الآية أربعة أنواع من عقاب الكافرين المنكرين لله تعالى بوعي منهم ،والعقاب الأوّل حول لباسهم ،فتقول الآية: ( فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار ) ويمكن أن تكون هذه العبارة إشارة إلى لباسهم الذي اُعدّ لهم من قطع من نار ،أو كناية عن إحاطة نار جهنّم بهم من كلّ جانب .
ثمّ ( يصبّ من فوق رؤوسهم الحميم ){[2604]} أي يصبّ على رؤوسهم سائل حارق هو حميم النّار .وهذا الماء الحارق الفوّار ينفذ إلى داخل أبدانهم ليذيب باطنها وظاهرها ( يصهر ما في بطونهم والجلود ){[2605]} .