ونلاحظ الآن ماذا تقول الآيات بشأن يونس ( عليه السلام ) ،قال تعالى: ( فلولا أنّه كان من المسبّحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) أي لو لم يكن من المسبّحين لأبقيناه في بطن الحوت حتّى يوم القيامة ،ويعني تبديل سجنه المؤقّت إلى سجن دائم ،ومن ثمّ تبديل سجنه الدائم إلى مقبرة له .
وبخصوص بقاء يونس في بطن الحوت حتّى يوم القيامة ( على فرض أنّه ترك تسبيح الله والتوبة إليه ) فهل أنّه يعني بقاءه حيّاً أم ميّتاً ،المفسّرون ذكروا بهذا الشأن احتمالات متعدّدة منها:
أوّلا: بقاء الاثنينأي يونس والحوتأحياء ،ويونس يبقى إلى يوم القيامة مسجوناً في بطن الحوت .
ثانياً: وفاة يونس ،وبقاء الحوت حيّاً باعتباره قبراً متحركاً لجثّة يونس .
ثالثاً: وفاة الاثنين ،وهنا يكون بطن الحوت قبراً ليونس ،والأرض قبراً للحوت ،حيث يدفن في قلب الحوت ،والحوت يدفن في باطن الأرض إلى يوم القيامة .
الآية مورد البحث لا تدلّ على أي من الاحتمالات التي ذكرناها ،فهناك آيات عديدة في القرآن الكريم تؤكّد موت الجميع في آخر الزمان ،لذا فإنّ بقاء يونس أو الحوت أحياء حتّى يوم القيامة غير ممكن ،وبهذا يعدّ الاحتمال الثالث أقرب الاحتمالات إلى الواقع{[3809]} .
وهناك احتمال آخر يقول: إنّ هذه العبارة هي كناية عن طول المدّة ،وتعني أنّه سيبقى لمدّة طويلة في هذا السجن .
ولا ننسى أنّ هذه الأمور كان يمكن أن تتحقّق لو أنّه كان قد ترك تسبيح الله والتوبة إليه ،ولكن الذي حدث أنّ تسبيحه وتوبته جعلاه مشمولا بالعفو الإلهي .