التّفسير
لقد تناولت الآيات السابقة مسألة التمييز الذي مارسه اليهود بشأن الأنبياء ،حيث كانوا يؤمنون ويصدقون ببعض أنبياء الله تعالى ويكفرون بالبعض الآخر منهم .
أمّا الآيات أعلاه فهي ترد على اليهود ،وتؤكّد أنّ الله أوحى إِلى نبيّه محمّداً( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما أنزل الوحي على أنبيائه نوح والنّبيين الذين جاؤوا من بعد نوح ،وكما أوحى إِلى إِبراهيم وإِسماعيل وإِسحاق ويعقوب( عليهم السلام ) وأنزل الوحي على الأنبياء من أبناء يعقوب ،وعلى عيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان( عليهم السلام ) ،وكما أنزل الله على داود( عليه السلام ) كتاب الزّبور ،حيث تقول الآية: ( إِنّا أوحينا إِلى نوح والنّبيين من بعده وأوحينا إِلى إِبراهيم وإِسماعيل وإِسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراً ) .
وهذه الآية تردّ على اليهود مؤكّدة على أنّ شرائع الأنبياء العظام مستقاة كلها من ينبوع الوحي الإِلهي ،وإِنّهم جميعاً يسيرون في طريق واحد ،ولذلك لا تجوز التفرقة بينهم .
وقد تكون هذه الآية خطاباً للمشركين والكفار من عرب الجاهلية ،الذين كانوا يظهرون الدهشة والعجب من نزول الوحي على نبي الإِسلام محمّد( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،فهي تردّ على هؤلاء مؤكّدة أن لا عجب في نزول الوحي على محمّد( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد نزل قبل ذلك على الأنبياء السابقين .
ثمّ تبيّن الآية أنّ الوحي لم يقتصر نزوله على هؤلاء الأنبياء ،بل نزل على أنبياء آخرين حكى الله قصصهم للنّبي محمّد( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قبل ،وأنبياء لم يحك الله قصصهم ،وكل هؤلاء الأنبياء أرسلهم الله إِلى خلقه ،وأنزل عليهم الوحي من عنده ،