/م1
وبما أنّ ذكر هذه الحادثة مضافاً إلى تجسيد قدرة الله وصدق الدعوة المحمّدية ،فهي في نفس الوقت تمثّل إنذاراً وتنبيهاً لكلّ من يروم القيام بأعمال مماثلة لفعل بني النضير ،لذا ففي الآية اللاحقة يرشدنا سبحانه إلى هذا المعنى:{ذلك بأنّهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقّ الله فإنّ الله شديد العقاب}{[5188]} .
«شاقّوا » من مادّة ( شقاق ) وهي في الأصل بمعنى الشقّ والفصل بين شيئين ،وبما أنّ العدو يكون دائماً في الطرف المقابل ،فإنّ كلمة ( شقاق ) تطلق على هذا العمل .
وجاء مضمون هذه الآية باختلاف جزئي جدّاً في سورة الأنفال الآية 13 ،وذلك بعد غزوة بدر وانكسار شوكة المشركين ،والتي تبيّن عمومية محتواها من كلّ جهة ،في قوله تعالى:{ذلك بأنّهم شاقوا الله ورسوله ،ومن يشاقق الله ورسوله فإنّ الله شديد العقاب} ،والشيء الجدير بالملاحظة أنّ بداية الآية الكريمة طرحت مسألة العداء لله ورسوله ،إلاّ أنّ الحديث في ذيل الآية اقتصر عن العداء لله سبحانه فقط ،وهو إشارة إلى أنّ العداء لرسول الله هو عداء لله أيضاً .
والتعبير ب ( شديد العقاب ) لا يتنافى مع كون الله «أرحم الراحمين » لأنّه في موضع العفو والرحمة فالله أرحم الراحمين ،وفي موضع العقاب والعذاب فإنّ الله هو أشدّ المعاقبين ،كما جاء ذلك في الدعاء: «وأيقنت أنّك أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة ،وأشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة »{[5189]} .
/خ5