ثمّ تتناول الآية التالية صفحة السماء التي يتجسّد فيها الجمال والروعة ،حيث النجوم المتلألئة في جوّ السماء ،المشعّة بضوئها الساحر في جمال ولطافة ،حيث يقول سبحانه: ( ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ) .
إنّ نظرة متأمّلة في ليلة مظلمة خالية من الغيوم إلى جوّ السماء المليء بالنجوم كاف لإثارة الانتباه فينا إلى تلك العوالم العظيمة ،وخاصّة طبيعة النظم الحاكمة عليها ،والروعة المتناهية في جمالها ولطافتها وعظمتها ،وسكونها المقترن بالأسرار العجيبة ،والهيبة التي تلقي بظلالها على جميع العوالم ،ممّا يجعل الإنسان أمام عالم مليء بالمعرفة ونور الحقّ ،ويدفعه باتّجاه عشق البارئ عزّ وجلّ الذي لا يمكن وصفه والتعبير عنه بأي لسان .
وتؤكّد الآية الكريمةمرّة أخرىالحقيقة القائلة بأنّ جميع النجوم التي نشاهدها ما هي إلاّ جزء من السماء الأولى ،والتي هي أقرب إلينا من أي سماء أخرى من السموات السبع ،لذا أطلق عليها اسم ( السماء الدنيا ) أي السماء القريبة والتي هي أسفل جميع السموات الأخرى .
«الرجوم » بمعنى ( الرصاص ) وهي إشارة إلى الشهب التي تقذف كرصاصة من جهة إلى أخرى من السماء ،كما أنّ ( الشهب ) هي بقايا النجوم المتلاشية والتي تأثّرت بحوادث معيّنة ،وبناءً على هذا ،فإنّ المقصود بجعل الكواكب رجوماً للشياطين ،هو هذه الصخور المتبقّية .
أمّا كيفية رجم الشياطين برصاصات الشهب ( الأحجار الصغيرة ) التي تسير بصورة غير هادفة في جو السماء ،فقد بيّناه بشكل تفصيلي في التّفسير الأمثل في تفسير الآية ( 18 ) من سورة الحجر ،وكذلك في تفسير الآية ( 20 ) من سورة الصافات .
/خ5