ويعود نوح( عليه السلام ) مرّة أُخرى لينذرهم ،فيقول: ( ما لكم لا ترجون للّه وقاراً ){[5466]} ،ولا تخافون عقابه وقد خلقكم في مراحل مختلفة: ويقول أيضاً: ( وقد خلقكم أطواراً ) .
كنتم في البداية نطفة لا قيمة لها ،ثمّ صوركم علقة ثمّ مضغة ،ثمّ وهبكم الشكل الإنساني ،ثمّ ألبسكم لباس الحياة ،فوهب لكم الروح والحواس والحركة ،وهكذا طويتم المراحل الحنينية المختلفة الواحدة بعد الأخرى ،حتى ولدتكم أُمهاتكم بهيئة الإنسان الكامل ،وهكذا تستمر المراحل الأُخرى والمختلفة للمعيشة في الحياة ،وأنتم خاضعون دائماً لربوبيته تعالى ،وتتجددون دائماً ،وتخلقون خلقاً جديداً ،فكيف لا تطأطئوا رؤوسكم أمام خالقكم ؟
ولستم تتخذون أشكالاً مختلفة من جهة الجسم ،بل أنّ الروح هي أيضاً في تغيّر مستمر ،لكلّ منكم استعداده الخاص ،ففي كل رأس ذوق خاصّ ،وفي كل قلب جحّ خاصّ ،وكلكم تتغيرون باستمرار ،فتنتقل مشاعر وأحاسيس الطفولة إلى أحاسيس الشبيبة ،وهذه بدورها إلى الكهولة والشيخوخة ،وعلى هذا فإنّه معكم في كلّ مكان هو يهديكم في كل خطوة ويشملكم بلطفه وعنايته ،فلم كل هذا الكفران والإستهانة ؟!
/خ13