التّفسير
الفتنة بإغداق النعمة:
هذه الآيات تشير ظاهراً إلى استمرار الجن في حديثهم مع قومهم: ( وإن كان بعض المفسّرين يعتبرون هذه الآية معترضة بين كلام الجن ) ولكن اعتراضها خلاف الظاهر ،وسياق هذه الآيات يشابه السابقة والذي كان من كلام الجن ،ولذا يستبعد أن يكون هذا الكلام هو لغير الجن{[5501]} .
على كل حال فإنّ سياق الآيات السابقة يشير إلى ثواب المؤمنين في يوم القيامة ،وفي هذه الآيات يتحدث عن ثوابهم الدّنيوي فيقول: ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً )
ننزل عليهم مطر رحمتنا ،ونذلل لهم منابع وعيون الماء الذي يهب الحياة وبوجود الماء يوجد كل شيء وعلى هذا فإنّنا نشملهم بأنواع النعم .
«غدق » على وزن شفق ،وتعني الماء الكثير
القرآن المجيد أكد ولعدّة مرات على أنّ الإيمان والتقوى ليست فقط منبعاً للبركات المعنوية ،بل تودّي إلى زيادة الأرزاق والنعم والعمران ،أي ( البركة والمادية ) .
( لنا بحث مفصل في هذا الباب في نفس المجلد في تفسير سورة نوح( عليه السلام )ذيل الآية 12 تحت عنوان الرابطة بين الإيمان والتقوى وبين العمران ) .
الملاحظ حسب هذا البيان أنّ سبب زيادة النعمة هو الاستقامة على الإيمان ،وليس أصل الإيمان ،لأنّ الإيمان المؤقت لا يستطيع أن يظهر هذه البركات ،فالمهم هو الاستقامة والاستمرار على الإيمان والتقوى ،ولكن هناك الكثير ممن تزل أقدامهم في هذا الطريق .