وكنّا في السابق نسترق السمع من السماء ونحصل على أخبار الغيب ونوصلها إلى أصدقائنا من الإنس ولكننا منعنا من ذلك الآن: ( وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً )أليس هذا الوضع الجديد دليل على حقيقة التغيير العظيم الحاصل في العالم عند ظهور الرّسول الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم )وكتاب اللّه السماوي ،لماذا كانت لكم القدرة على استراق السمع والآن سلبت منكم هذه القدرة ؟أليس معنى هذا انتهاء عصر الشيطنة والكهانة والخداع ،وانتهاء ظلمة الجهل بشروق شمس الوحي والنّبوة ؟
«شهاب » لهب من النار ،ويطلق أيضاً على الأنوار النّارية الممتدة في السماء ،وهي قطع حجرية صغيرة متحركة في الفضاء الخارجي للكرة الأرضية ،كما يقول علماء الفلك ،وتتأثر بجاذبية الأرض عند وصولها إلى مقربة منها فتسقط على شكل شعلة نارية حارقة ،لأنّها عندما تصل إلى طبقات الهواء الكثيفة وتصطدم لها تتحول إلى شعلة نارية ،ثمّ تصل إلى الأرض بصورة رماد ،وقد ذكرت الشهب كراراً في القرآن المجيد ،وأنّها كالسهام ترمى صوب الشياطين الذين يريدون أن يسترقوا السمع من السماء ،وقد أوردنا بحوثاً مفصّلة حول كيفية إخراج الشياطين من السماء بالشهب ،وما يراد من استراق السمع ،وذلك في ذيل الآية ( 18 ) من سورة الحجر وما يليها ،وفي ذيل الآية ( 10 ) من سورة الصافات وما يليها .
«رصد » على وزن حسد ،وهو التهيؤ لانتظار شيء ويُعبّر عنه ب ( الكمين ) وتعني أحياناً اسم فاعل بمعنى الشخص أو الشّيء الذي يكمن ،وهذا ما أُريد به في هذه الآيات .