التّفسير
جهنّم ..المرصاد الرهيب:
بعد أن بيّن القرآن الكريم في الآيات السابقة بعض أدلة المعاد وتناول قسماً من حوادث يوم القيامة ،يذكر في هذه الآيات ما يؤول إليه حال المجرمين ،فيقول:
( إنّ جهنم كانت مرصاداً ) .
وهي: ( للطاغين مآباً ){[5734]} .
وأنّهم: ( لابثين فيها أحقاباً ) .
«المرصاد »: اسم مكان يختفي فيه للمراقبة ،ويقول الراغب في مفرداته: «المرصد » موضع الرصد ،والمرصاد نحوه ،لكن يقال للمكان الذي أُختص بالترصد .
وقيل: إنّه صيغة مبالغة ،ويطلق على الذي يكمن كثراً للرصد ،مثل «المعمار » الذي يكثر من البناء والعمران .
والمعنى الأوّل أشهر وأنسب ،ولكن ..مَن سيقوم بعملية الرصد في جهنّم ؟
قيل: هم وملائكة العذاب بدلالة الآية ( 71 ) من سورة مريم التي تحكي عن مرور جميع الناس صالحهم وطالحهم من جانب جهنّم أو من فوقها: ( وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتماً مقصياً ) وخلال ذلك المشهد تقوم ملائكة العذاب برصد أهل النّار والتقائهم من بين الخلق !
وأمّا لو قلنا في تفسير الآية بأنّها ( صيغة المبالغة ) فسيكون جهنّم هي المرصاد للطاغين ،وتقوم بعملية جذب أهل النّار إليها حال مرور الخلق واقترابهم منها .وعلى أية حال ،فلا يستطيع أيّ من الطاغين من تخطي ذلك المعبر المحتوم ،فإمّا أن تخطفه ملائكة العذاب أو تجذبه جهنّم .