ويأتي التأكيد الآخر:
( إنّ مع العسر يُسراً ) .
لا تغتمّ أيّها النّبي ،فالمشاكل والعقبات لا تبقى على هذه الحالة ،ودسائس الأعداء لن تستمر ،وشظف العيش وفقر المسلمين سوف لا يظلّ على هذا المنوال .
الذي يتحمل الصعاب ،ويقاوم العواصف سوف ينال يوماً ثمار جهوده ،وستخمد عربدة الأعداء ،وتحبط دسائسهم ،ويتمهّد طريق التقدم والتكامل ويتذلل طريق الحق .
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ هذه الآيات تشير إلى فقر المسلمين في معيشتهم خلال الفترة الاُولى من الدعوة ،لكن المفهوم الواسع للآيات يستوعب كلّ ألوان المشاكل .أسلوب الآيتين يجعلهما لا تختصان بشخص النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم )وبزمانه ،بل بصورة قاعدة عامّة مستنبطة ممّا سبق .وتبشّر كلّ البشرية المؤمنة المخلصة الكادحة ،وتقول لها: كّل عسر إلى جانبه يسر ،ولم ترد في الآية كلمة «بعد » بل «مع » للدلالة على الاقتران .
نعم ،كلّ معضلةً ممزوجة بالانفراج ،وكلّ صعوبة باليسر ،والاقتران قائم بين الاثنين أبداً .
وهذا الوعد الإلهي يغمر القلب نوراً وصفاءً .ويبعث فيه الأمل بالنصر ،ويزيل غبار اليأس عن روح الإنسان{[6061]} .
وعن رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «واعلم أنّ مع العسر يسراً ،وأنّ مع الصبر النصر ،وأنّ الفرج مع الكرب ...»{[6062]} .
وروي أنّ امرأة شكت زوجها لأمير المؤمنين علي( عليه السلام ) ،لعدم إنفاقه عليها ،وكان الزوج معسراً فأبى علي أن يسجن الزوج وقال للمرأة: إنّ مع العسر يسراً ( ودعاها إلى الصبر ){[6063]} .