قال تعالى{والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} .
قال ابن كثير: لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الأشقياء فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك{وترهقهم} أي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال:{وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل} الآية ،وقال تعالى{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم} الآيات ،وقوله{ما لهم من الله من عاصم} أي مانع ولا واق يقيهم العذاب كقوله تعالى{يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر} وقوله:{كأنما أغشيت وجوههم} الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة كقوله تعالى:{يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} وقوله تعالى{وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة} الآية .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{وترهقهم ذلة} ،قال: تغشاهم ذلة وشدة .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة:{كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} ،قال: ظلمة من الليل .