{وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 27}
المفردات:
كسبوا السيئات: عملوا المعاصي من كفر وغيره .
من عاصم: من حافظ ومانع .
أغشيت: غطيت .
التفسير:
28{وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ...} الآية .
أثاب الله المتقين بالحسنى وزيادة ،ثم عاقب مرتكب السيئة بمثل ما ارتكب ،فالجزاء الحق من جنس العمل ؛فمن ارتكب السيئات جازاه الله على كل سيئة بمثلها ،أي: بمقدارها في الصغر والعظم ،بدون زيادة .
قال تعالى:{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} .( الأنعام: 160 ) .
{وترهقهم ذلة} .أي: يغشاهم الهوان الذي يلف وجوههم ونفوسهم .
قال تعالى:{ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة} .( عبس: 40 42 ) .
فشدة العذاب قد أثرت في نفوسهم وأرهقها بالمذلة والهوان ،نعوذ بالله تعالى من حال أهل النار !
قال تعالى:{وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل} .( الشورى: 45 ) .
{ما لهم من الله من عاصم} .
أي: ليس لهم من دون الله منقذ أو مدافع يحميهم من عذابه .
{كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} .
كأنما ألبست وجوههم أجزاء أغشية من سواد الليل المظلم ؛لفرط سوادها وظلمتها ،فالسواد قد علا وجوههم ،وتراكم السواد طبقات فوق طبقات ،وفيه تعبير عن ظلام النفس وظلام الوجه ،ومن حكمة الله أن ظلام النفس يظهر أثره على ظلام الوجه .
قال تعالى:{يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون{ .( آل عمران: 106: 107 ) .
وقال الشوكاني:
{كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} ؛لشدة ما يغشاها من دخان النار وسوادها .ا ه .
{أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} .
أي: أولئك المتصفون بتلك الصفات ،هم أصحاب النار لا انفكاك لهم عنها ،وهم فيها خالدون خلودا أبديا لا نهاية له .وفي الآيتين صور من كمال الرضوان للمؤمنين ،وصور رائعة من الأدب الرفيع في ألوان العذاب التي تحيق بالكافرين .