قوله تعالى:{والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما هم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} بعد أن بين حال المؤمنين المحسنين وما أعده لهم من الحسنى زيادة ؛فإنه يبين في مقابلة ذلك حال المشركين والعصاة الذين اجترحوا السيئات وعملوا المعاصي والموبقات ووقعوا في الضلال والشرك ؛فهؤلاء{جزاء سيئة بمثلها}{جزاء} مرفوع بالابتداء .{بمثلها} خبر المبتدأ .والباء زائدة .والتقدير: وجزاء سيئة سيئ مثلها{[1969]} .
والمراد بالمثلية هنا: أن جزاء المشركين والعصاة من العذاب مماثل لما قدموه من الذنوب والمعاصي دون زيادة ؛فهم بذلك غير مظلومين .وذلك هو العدل المطلق من الله في مجازاته للعصاة بمثل ما يستحقونه من العذاب .وفضله البالغ في مجازاة المؤمنين المحسنين زيادة مما يستحقون .
قوله:{وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم} أي تغشى وجوههم علائم الخزي والهوان والافتضاح ؛إذ ليس لهم حينئذ من حافظ يمنعهم من العذاب ،ولا واق يقيهم مما هو واقع بهم يوم القيامة .
قوله:{كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما}{قطعا} ،بفتح الطاء: فهي جمع قطعة ،و{مظلما} منصوب على الحال من الليل ،فيكون التقدير: أغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته .وهذه قراءة عامة قراء الأمصار .وقرئ{قطعا} بإسكان الطاء فتكون{مظلما} صفة لقوله:{قطعا}{[1970]} وهذا إخبار عما يغشى وجوه الكافرين والقيامة من السواد والقتر والكلوح كأنما ألبست قطعا من سواد الليل المظلم .
قوله:{أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} هؤلاء الذين سبقت صفتهم من الشرك .وفعل المعاصي هم أهل النار .فهم ماكثون فيها غير مبعدين عنها ولا مبارحين{[1971]} .