قوله تعالى{ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}
انظر حديث عائشة الآتي عند سورة القمر آية ( 53 ) وفيه:"يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب ".
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكتاب يوضع يوم القيامة .والمراد بالكتاب: جنس الكتاب ،فيشمل جميع الكتب التي كتب فيها أعمال المكلفين في دار الدنيا .وأن المجرمين يشفقون مما فيه ،أي يخافون منه ،وأنهم يقولون{يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر} .أي لا يترك{صغيرة ولا كبيرة} من المعاصي التي عملنا{إلا أحصاها} أي ضبطها وحصرها ،وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية الكريمة جاء موضحا في مواضع أخر ،كقوله:{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا .اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} .وبين أن بعضهم يؤتي كتابه بيمينه ،وبعضهم يؤتاه بشماله وبعضهم يؤتاه وراء ظهره .قال:{فأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوتي كتابيه} الآية ،وقال تعالى:{فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا} .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء ،ولم يشتك أحد ظلما ،فإياكم والمحقرات من الذنوب ،فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه .