/م47
المفردات:
ووضع الكتاب: وضعت صحائف أعمال البشر في أيديهم .
مشفقين: خائفين .
الويل: الهلاك .
أحصاها: عدّها وأحاط بها .
حاضرا: مسطورا في كتاب كل منهم .
ولا يظلم ربك أحدا: لا يعاقب إنسانا بغير جزم ،ولا ينقص من ثواب المحسنين .
التفسير:
49-{ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ...}
أي: وضعت صفائح الأعمال للبشر وعرضت عليهم ،وفي هذه الصحف الجليل والحقير .
{ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} .
أي: يا حسرتنا ويا هلاكنا على ما فرطنا في حياتنا الدنيا ،ما شأن هذا الكتاب ،لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ضبطها وأحاط بها !!!
{ووجدوا ما عملوا حاضرا} .
أي: من خير وشرح وجدوه مثبتا في الكتاب .
قال تعالى:{يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا} .( آل عمران: 30 ) .
وقال سبحانه:{ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} .( القيامة: 13 ) .
{ولا يظلم ربك أحدا} ،أي: لا يعاقب إنسانا بدون جرم ،ولا ينقص من ثواب المحسنين ؛فهو سبحانه عادل في حكمه ،وكريم متفضل أيضا ،قال تعالى:{إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} .( النساء: 40 ) .
وقال تعالى:{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} .( الأنبياء: 47 ) .روى الشيخان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة عند إسته بقدر غدرته ،يقال: هذه غدرة فلان بن فلان )40 .
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن أنيس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يحشر الناس يوم القيامة ،حفاة عراة غرلا بُهما ) قلت: وما بُهما ؟قال: ( ليس معهم شيء ،ثم يناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قرب: أنا الملك ،أنا الدّيان لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق ؛حتى أقضيه منه ،ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وله عند رجل من أهل النار حق حتى أقضيه منه ،حتى اللطمة ) قال: قلنا: كيف وإنما نأتي الله عز وجل حفاة عراة غرلا بهما ؟!قال: ( بالحسنات والسيئات )41 .
وتفيد الآيات السابقة: عرض مشاهد القيامة ،وعدالة الحساب ،وندم المجرمين ،وأن الجزاء الحق من جنس العمل ،قال تعالى:{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره .ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} .( الزلزلة: 8 ،7 ) .