قوله تعالى{إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} .
قال الشيخ الشنقيطي: قد قدمنا في سورة الأنعام أن هذه الخمسة المذكورة في خاتمة سورة لقمان: أنها هي مفاتح الغيب المذكورة في قوله تعالى{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} .
قال البخاري: حدثني إسحاق ،عن جرير ،عن أبي حيان ،عن أبي زرعة ،عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس ،إذ أتاه رجل يمشي فقال: يا رسول الله ،ما الإيمان ؟قال: الإيمان أن تؤمن بالله ،وملائكته ،ورسله ،ولقائه ،وتؤمن بالبعث الآخر .قال: ما الإسلام ؟قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا ،وتقيم الصلاة ،وتؤتي الزكاة المفروضة ،وتصوم رمضان .قال: يا رسول الله ،ما الإحسان ؟قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك .قال: يا رسول الله ،متى الساعة ؟قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ،ولكن سأحدثك عن أشراطها: إذا ولدت المرأة ربتها فذاك من أشراطها ،وإذا كان الحُفاة العُراة رُءوس الناس فذاك من أشراطها ،في خمس لا يعلمهن إلا الله{إن الله عنده علم الساعة ويُنزل الغيث ويعلم ما في الأرحام} .
ثم انصرف الرجل ،فقال: ردوا عليّ .فأخذوا ليوردوا فلم يروا شيئا ،فقال: هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم .
( صحيح البخاري 8/373- ك التفسير- سورة لقمان ،ب ( الآية ) ح 4777 ) ،( صحيح مسلم 1/39-40 ح9 ،10 - ك الإيمان ،ب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ) .
قال البخاري: حدثنا خالد بن مخلد ،حدثنا سليمان بن بلال ،حدثني عبد الله ابن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ،ولا يعلم ما غد إلا الله ،ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ،ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ،ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ) .
( صحيح البخاري 13/374- ك التوحيد ،ب قول الله تعالى{عالم الغيب ...} ح7379 ) .
قوله تعالى{وما تدري نفس بأي أرض تموت} .
قال ابن ماجة: حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري وعمر بن شبّة بن عبيدة قالا: ثنا عمر بن علي .أخبرني إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ،عن عبد الله بن مسعود ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان أجل أحدكم بأرض ،أوْثبَتهُ إليها الحاجة ،فإذا بلغ أقصى أثره ،قبضه الله سبحانه .فتقول الأرض ،يوم القيامة: ربّ !هذا ما استودعتني ".
( السنن 2/1424- الزهد ،ب ذكر الموت والاستعداد له ح 4263 ) ،قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ،رواه الحاكم في ( المستدرك 1/ 41-42 ) من طريق عمر بن علي المقدومي ومحمد ابن خالد الوهبي وهشيم عن إسماعيل بن أبي خالد به .وقال: أسند هذا الحديث ثلاثة من الثقات .( مصباح الزجاجة 2/549 ) .وقال الألباني: صحيح ( صحيح ابن ماجة 2/420 ) .ذكره ابن كثير ( 6/359 ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة{إن الله عنده علم الساعة} الآية ،أشياء من الغيب استأثر الله بهن ،فلم يطلع عليهن ملكا مقربا ،ولا نبيا مرسلا{إن الله عنده علم الساعة} فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة ،في أي سنة أو في أي شهر ،أو ليل أو نهار{وينزل الغيث} فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ،ليلا أو نهارا ينزل ؟{ويعلم ما في الأرحام} فلا يعلم أحد ما في الأرحام ،أذكر أم أنثى ،أحمر أم أسود ،أو ما هو ؟{وما تدري نفس ماذا تكسب غدا} خير أم شر ولا تدري يا بن آدم متى تموت ؟لعلك الميت غدا ،لعلك المصاب غدا ؟{وما تدري نفس بأي أرض تموت} ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض في بحر أو برّ أو سهل أو جبل ،تعالى وتبارك .