{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} التي تموتون فيها ،وتبعثون فيها{وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} لأنه هو الذي أودع في الكون قوانين نزول المطر ،{وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ} لأنه هو الذي خلقه .وإذا كان بعض الناس قادراً على إنزال الغيث في بعض الأحوال ،فإنه لم ينطلق من إرادةٍ ذاتيةٍ وقدرةٍ شخصية ،بل كان ذلك ناشئاً من الأخذ بالأسباب التي جعلها الله سبباً لنزول الغيث ،في ما يمكن أن يكون بأيدي الناس منها ،وإذا كان البعض يستطيع أن يعلم ما في الأرحام ،فإنه ناشىء من الأخذ بأسباب العلم بذلك من خلال ما علّمه الله للإنسان من معرفة الأشياء ،مما لا يتنافى مع استقلال الله بعلمه من خلال ذاته{وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً} لأنها لا تدري بالظروف والأسباب التي يحملها الغد للإنسان في سعادته وشقائه وهلاكه وبقائه ،{وَمَا تَدْري نَفْسٌ بِأيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} لأن الإنسان لا يملك القدرة على حماية حياته من الأسباب الخفية أو الظاهرة للموت ،فلا يعرف من خلال ذلك الأرض التي يموت فيها ،ولكن الله هو الذي يعلم أمر ذلك كله ،لأنه المحيط به من كل جوانبه وخصائصه{إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ خَبِير} فإذا كان الله يعلم دقائق الأمور وخفاياها ،وهو الذي يملك حساب كل شيء فيها ،فلا بد من الانسجام مع تقواه .