قوله تعالى:{إن الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام ...} [ لقمان: 34] الآية .
أضاف فيها العلم إلى نفسه ،في الثلاثة من الخمسة المذكورة ،ونفى العلم عن العباد في الأخيرين منها ،مع أن الخمسة سواء في اختصاص الله تعالى بعلمها ،وانتفاء علم العباد بها ،لأن الثلاثة الأُوَلَ ،أمرُها أعظم وأفخم ،فخُصّت بالإضافة إليه تعالى ،والأخيرين من صفات العباد ،فخُصّا بالإضافة إليهم ،مع انه إذا انتفى عنهم علمها ،كان انتفاءُ علم ما عداها من الخمسة أولى .
فإن قلتَ: لم قال تعالى:{بأيّ أرض تموت} [ لقمان: 34] ولم يقل: بأي وقت تموت ،مع أن كلا منهما غير معلوم لغيره ،بل نفي العلم بالزمان أولى ،لأن من الناس من يدّعي علمه ،بخلاف المكان .
قلتُ: إنما خصّ المكان بنفي علمه ،لأن وجوده في مكان دون مكان ،في وسع الإنسان واختياره ،فاعتقاده علم مكان موته أقرب ،بخلاف الزمان ،ولأن للمكان دون الزمان تأثيا في جلب الصحة والسُّقم ،أو تأثيره فيهما أكثر .