/م29
{إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .}
المفردات:
الساعة : القيامة .
الغيث : المطر .
ما في الأرحام : ما في أرحام النساء من صفاته وأحواله ومستقبله وعمره ورزقه وشقى أو سعيد .
وما تدري : وما تعلم .
التفسير:
هذه الآية ختام سورة لقمان وتعرض جانبا من مظاهر علم الله تعالى فهو سبحانه علام الغيوب وتذكر الآية خمسة أمور:
1- إن الله عنده علم الساعة: فهو سبحانه المستأثر بمعرفة يوم القيامة لا يعلم ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل ، لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ....( الأعراف: 187 ) .
ولعل حكمة ذلك أن يظل الإنسان مترقبا الموت ،فقد يأتي فجأة في ليل أو نهار وفي الأثر: من مات فقد قامت قيامته .
2- وينزل الغيث: فهو سبحانه الذي يرسل المطر في وقته بلا تقديم ولا تأخير وفي بلد لا يتجاوزه إلى غيره وبمقدار تقتضيه حكمته .
3- ويعلم ما في الأرحام: فهو سبحانه العليم بكل ما يتصل بهذا الجنين من رزق وعمر وهداية أو ضلال وإن علم الإنسان ما يتصل بنوع الجنين من ذكورة أو أنوثة فإنه لا يعلم شيئا عن مستقبله وأجله ورزقه وشقاوته أو سعادته .
4- وما تدري نفس ماذا تكسب غدا لا يعلم الإنسان ماذا يكسب غدا من خير أو شر ومن نفع أو ضر ومن يسر أو عسر ومن صحة ،أو مرض ومن طاعة أو معصية كل ذلك في أمر الغيب يعلمه علام الغيوب وحده ،وشاءت حكمته أن يخفى ذلك ليستمر تعلق الإنسان بربه ودعاؤه له وصلاته فهو سبحانه يقول: ادعوني أستجب لكم ....( غافر: 6 ) .
5- وما تدري نفس بأي أرض تموت أي لا يدري أحد اين مضجعه من الأرض أفي بحر أم في بر أم في سهل أم في جبل .
{إن الله عليم خبير} .
هو سبحانه عالم الغيب مطلع على الظاهر والباطن محيط علمه بكل كبيرة وصغيرة ،خبير بخفايا النفوس وبواطنها وظواهرها .
قال تعالى:{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} .( الأنعام: 59 ) .
فهذا العلم الشامل لكل ما في الغيب وللبر والبحر وللأشجار والأوراق وللورقة الساقطة من فوق الشجر ولكل حبة في ظلمات الأرض وللأرض اليابسة والأرض التي غمرتها المياه كل ذلك مسجل في علم الله الذي لا يحول دونه حائل من ليل أو نهار أو أرض أو سماء أو غائب أو شاهد إن الله عليم خبير .
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"مفاتح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ". xiv
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أن رجلا يقال له الوارث بن عمرو بن حارثة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد متى قيام الساعة ؟وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب ؟وقد تركت امرأتي حبلى فما تلد ؟وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غدا ؟وقد علمت بأي أرض ولدت فبأي أرض أموت ؟فنزلت الآية: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .