وفي آخر آية من هذه السورة ،وبمناسبة البحث الذي جاء في الآية السابقة حول يوم القيامة ،يدور الكلام عن العلوم المختّصة بالله سبحانه ،فتقول: ( إنّ الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ) ومطّلع على جميع جزئياته وتفاصيله ...
( ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إنّ الله عليم خبير ) .
فكأنّ مجموع هذه الآية جواب عن سؤال يطرح في باب القيامة ،وهو نفس السؤال الذي سأل المشركون به النّبي ( صلى الله عليه وآله ) مراراً وتكراراً ،وقالوا: ( متى هو ) ؟{[3279]} ،فيجيبهم القرآن عن سؤالهم ،ويقول: لا يعلم أحد بموعد قيام القيامة إلاّ الله سبحانه ،وطبقاً لصريح آيات أخرى ،فإنّ الله أخفى هذا العلم عن الجميع: ( إنّ الساعة آتية أكاد أخفيها ){[3280]} ،وذلك كي لا يحيط الغرور والغفلة بأطراف البشر .
ثمّ تقول الآية: إنّ مسألة القيامة ليست هي المسألة الوحيدة الخافية عليكم ،ففي حياتكم اليومية ،ومن بين أقرب المسائل المرتبطة بحياتكم ومماتكم ،مسائل كثيرة تجهلونها ..
أنتم لا تعلمون زمان نزول قطرات المطر ،والتي ترتبط بها حياة كلّ الكائنات الحيّة ،وإنّما تتوقّعونها على أساس الحدس والظنّ والتخمين .
وكذلك زمان تكوّنكم في بطون الاُمّهات وخصائص الجنين فلا علم لأحد منكم بذلك .
ومستقبلكم القريب ،أي حوادث الغد ،وكذلك مكان موتكم وتوديعكم للحياة ،خاف على الجميع .
فإذا كنتم جاهلين بهذه المسائل القريبة من حياتكم والمتّصلة بها ،فلا مجال للعجب من عدم علمكم بلحظة قيام القيامة{[3281]} .
ونقل في الدرّ المنثور: أنّ رجلا يقال له «الوراث » ،من بني «مازن بن حفصة » ،جاء إلى النّبي ( صلى الله عليه وآله ) ،فقال: يا محمّد ،متى تقوم الساعة ؟وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب ؟وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد ؟وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غداً ؟وقد علمت بأي أرض ولدت فبأي أرض أموت ؟فنزلت هذه الآية{[3282]} .
/خ34
نهاية سورة لقمان