قوله تعالى:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}
قال البخاري: حدثنا حبان بن موسى ،أخبرنا عبد الله ،عن يونس ،عن الزهري ،عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ،والله المعطي وأنا القاسم ،ولا تزال هذه الآمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون ) .
[ الصحيح 6/250 – 251 ح 3116 – ك فرض الخمس ،ب قول الله تعالى{فأن لله خمسه}] ،وأخرجه مسلم في [ الصحيح 3/1524 ،ح 1037 – ك الإمارة ،ب قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ...) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة} فإنها ليست في الجهاد ،ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم ،وكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ،ويعتلوا بالإسلام وهم كاذبون ،فضيقوا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأجهدوهم ،وأنزل الله يخبر رسول الله أنهم ليسوا مؤمنين ،فردهم رسول الله إلى عشائرهم ،وحذر قوهم أن يفعلوا فعلهم ،فذلك قوله:{ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة} يقول: ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ،ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} يعني عصبة ،يعني السرايا ،ولا يتسروا إلا بإذنه ،فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن ،تعلمه القاعدون من النبي صلى الله عليه وسلم ،قالوا: إن الله قد أنزل على نبيكم بعدكم قرآنا ،وقد تعلمناه .فيمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ،ويبعث سرايا أخر ،فذلك قوله:{ليتفقهوا في الدين} يقول: يتعلمون ما أنزل الله على نبيه ،ويعلموا السرايا إذا رجعت إليهم لعلهم يحذرون .