قوله تعالى:{ألا إن لله ما في السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون 55 هو يحي ويميت وإليه ترجعون}{ألا} ،أداة تنبيه .وهذه الكلمة تذكير للغافلين وإيقاظ للنائمين ؛أي انتبهوا لقول الله:{إن لله ما في السموات والأرض} فما من شيء في هذا الوجود إلا هو مملوك لله ؛فهو الرب المالك الخالق .
قوله:{ألا إن وعد الله حق} وذلك تأكيد على أن وعد الله كائن لا محالة .ووعده عام يندرج فيه وعده بالثواب للطائعين ،ووعيده بالعذاب للعصاة والخاسرين .
قوله:{ولكن أكثرهم لا يعلمون} المشركون والكافرون ضالون سفهاء لا يعلمون غير ظاهر من الحياة الدنيا ،لكنهم يجهلون ما فيه صلاحهم وما ينفعهم ،وما تقوم عليه حياتهم في هذه الدنيا أحسن قيام ؛فهم بذلك سادرون في الغي والباطل ويكابدون الشقاء والقلق والتعس والهموم والمشكلات النفسية والاجتماعية والشخصية .وسبب ذلك كله: أنهم مجانبون لمنهج الله الحكيم وصراطه المستقيم .ومن أجل جهلهم المطبق بحقيقة ما ينفعهم في دنياهم .ومن خلف ذلك كله شياطين البشر يحولون بين هؤلاء الضالين وبين منهج الله .والشياطين من البشر بارعون في التضليل والتغرير والفتنة .ضالعون في الخطيئة والتخريب والرجس ؛فهم بما أوتوه من براعة في الإغواء بمختلف الأساليب الفكرية والفنية والإعلامية والدعائية والنفسية والمادية على اختلاف صورها ،قد صدوا معظم البشرية عن إدراك الصواب أو بلوغ الحق الذي به يصلح حالهم .فلا جرم أن{أكثرهم لا يعلمون} وذلك يشير إلى أن القليل في الناس يعلمون الحقيقة .لكنهم لقتلهم وخفوت أصواتهم ونداءاتهم وضعف حيلتهم يظلون مغمورين طي الإغفال والإهمال كيلا يدري بهم إلا قليل ،ولكي تذهب أصواتهم ونداءاتهم أدراج الرياح .وقد تكون هذه القلة من الناس ساكتة عن قول الحقيقة لخبث في المقاصد والنوايا ؛فهم ماكرون أشقياء يبتغون للبشرية السوء والفساد والتدمير .